مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه بالموصولية

صفحة 206 - الجزء 1

  كما وجد فى كل ما جعل ذريعة، وهذا ظاهر غير أنه يرد عليه أن الإيماء ليس هو الموجب للتعظيم بدليل وجود التعظيم مع انتفاء الإيماء المذكور بتقديم المسند على المسند إليه، فإن الإيماء إنما يتحقق عند جعل الموصول مبتدأ، وأما عند جعله فاعلا فلا إيماء ومع ذلك فالتعظيم موجود، فإنه لو قيل بنى لنا من سمك السماء بيتا فهم تعظيم بناء البيت من حيث يفهم أن فعل الصانع الواحد متشابه فالإيماء الذى يحصل بتقديم المسند إليه لا مدخل له فى التوصل إلى تعظيم شأن الخبر، ولا غيره، والجواب عن هذا بأن المفيد للتعظيم عند التقديم نفس الموصول، أو صلته لما فيه من الإيماء إلى جنس الخبر الدال على التعظيم، كما فى تعظيم شعيب فإنه لو بنى عليه غير المومأ إليه بأن يرتب عليه غير الخسران لم يفد تعظيم شعيب، وعند التأخر نفس الكلام فاستفادة التعظيم من نفس الموصول وصلته تكون بطريق الإيماء، ولو كان يمكن بغيره - أيضا - فللإيماء دخل فى الإفادة وما يفيد النكتة تنسب له، ولو أمكنت بغيره غير مخلص فإن التكذيب لشعيب، ولو أومأ إلى الخسران لكن تعظيمه مستفاد من نسبة الخسران للمكذب تقدم أو تأخر فكون التقديم يفيد الإيماء إلى الخسران المفيد للتعظيم لا يقتضى أن التعظيم يفيد نفس الإيماء من حيث هو، وكذا المفيد للتعظيم عند التقديم فى البيت قطعا كحون البناء بناء من سمك السماء وهو المفيد عند التأخر فلا مدخل لخصوص الإيماء من حيث هو فى الإفادة تأمل. (أو) جعل ذريعة لتعظيم (شأن غيره) أى غير الخبر (نحو {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً})⁣(⁣١) فإن فيه الإيماء إلى أن الخبر المبنى عليه أمر من جنس الخسران والإهلاك؛ لأن تكذيب شعيب تكذيب معلوم النبوة مشهور الرسالة فلا يترتب عليه إلا الخسران والإهلاك وشبه ذلك، فلذلك قال {كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ} وفيه مع ذلك تعظيم شأن شعيب، حيث أوجب تكذيبه الخسران فى الدنيا والآخرة، وربما جعل الإيماء المذكور ذريعة إلى عكس هذا بأن يكون ذريعة إلى الإهانة بشأن الخبر نحو قول القائل إن الذى لا طاقة له على شيء أغاثك تحقيرا لشأن إغاثته وهى الخبر، وكذا قول القائل إن الذى لا يعرف الفقه قد صنف فيه أو إلى الإهانة بشأن غير الخبر نحو إن الذى


(١) الأعراف: ٩٢.