مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه بالموصولية

صفحة 205 - الجزء 1

  تقدم طريق الخبر ونوعه الذى يأتى عليه، وأما تفسيره بالعلة؛ لأن الاستكبار عن العبادة على شرعية لدخول جهنم، ففاسد لانتقاضه بقوله:

  إن الذى سمك السماء بنى لنا ... بيتا ........

  على ما يأتى إذ ليس سمك السماء علة لبناء بيت شرفهم، ومجدهم وبقوله:

  إن الذين ترونهم إخوانكم ... يشفى غليل صدورهم

  فإن ظنهم إخوانهم ليس علة لشفاء غليل صدورهم (ثم إنه) أى: الإيماء إلى وجه بناء الخبر لا مجرد جعل المسند إليه موصولا كما قيل؛ لأن سياق الكلام ينافيه، ولأنه يفهم أن ما ذكر بعد يوجد من غير الإيماء وهو فاسد كما يظهر (ربما جعل ذريعة) أى: الإيماء ربما جعل ذريعة، أى وسيلة (إلى التعريض والتعظيم) أى: إلى الإشارة من عرض أى: جانب الكلام إلى التعظيم (لشأنه) أى: لشأن الخبر (نحو قوله) أى: الفرزدق⁣(⁣١) (إن الذى سمك السماء) أى: رفعها (بنى لنا بيتا) أى: بيت الشرف والمجد لا بيت الكعبة، فإن ما تضمنته القصيدة يبعده (دعائمه) أى: قوائم ذلك البيت (أعز وأطول) من كل بيت، أو من بيتك يا جرير، فقوله إن الذى سمك السماء فيه الإشارة إلى أن الخبر المبنى عليه أمر من جنس الرفعة، والبناء، والذوق شاهد صدق على ذلك الإيماء فإنه إذا قيل إن الذى صنع هذه الصنعة الغريبة فهم منه عرفا إن ما يبنى عليه أمر من جنس الصنعة، والإتقان فإذا قيل صنع لى كذا كان التأكيد لما أشار إليه أول الكلام، ثم فى هذا الإيماء تعريض لتعظيم بناء بيتهم من حيث إنه فعل من رفع السماء، وصنع من أبدع وأتقن، فلك القمر الذى لا بناء أغرب، ولا أرفع منه فى مرأى العين لا يقال إنما فيه التعريض بتعظيم البيت، وهو مفعول لا بتعظيم البناء الذى هو الخبر؛ لأنا نقول تعظيم البيت لتعلق بناء من بنى السماء بها، فلا محيد عن اعتبار البناء فى التعظيم وهو الخبر، وهذا التقدير يقتضى أن جعل الموصول مع صلته ذريعة لا ينفك عن الإيماء إلى وجه بناء الخبر، ولو كان كما قيل مجرد جعل المسند إليه موصولا هو المجعول ذريعة لانفك عن الإيماء فى هذا المثال وشبهه وقد تقدم أن الذوق شاهد بوجود الإيماء فى هذا


(١) البيت للفرزدق فى ديوانه (٢/ ١٥٥)، والأشباه والنظائر (٦/ ٥٠)، وخزانة الأدب (٦/ ٥٣٩).