تعريف المسند إليه بالإشارة وأغراضه
  القول، واستعمال لفظ هذا فى مثل ما ذكر قليل ويذكر كثيرا لفظ ذلك للمعنى للحاضر؛ لأن المعنى لعدم إدراكه بحاسة العين كالبعيد، كقولك: قسما بالله لقد كان كذا وإن ذلك لقسم عظيم. وقد يقال: وإن هذا لقسم عظيم (أو للتنبيه) أى: يكون تعريف المسند إليه باسم الإشارة للتنبيه (عند تعقيب المشار إليه بأوصاف) أى: عند إيراد أوصاف على عقب المشار إليه بمعنى أن الأوصاف ذكرت إثر ذكر المشار إليه فالتعقيب مصدر عقبه فلان إذا جاء على عقبه، ثم يعدى بالباء إلى مفعول ثان، فيقال عقبه بالشئ إذا أتى بالشئ على عقبه، وجعل ذلك الشيء إثره وإذا علم مدلول التعقيب لغة تبين أن تفسيره هنا بجعل اسم الإشارة بعقب أوصاف تفسير لا يطابق المعنى الأصلى، فهو فاسد لغة، ولو كان هذا المعنى حاصلا فى المثال؛ لأن اسم الإشارة أتى به عقب أوصاف قد عقب بها المشار إليه اللهم إلا أن يكون تساهلا بذكر المعنى فى الجملة، ولو كان غير مطابق لموضوعه لغة (على أنه) هو متعلق بالتنبيه أى: التنبيه عند ما ذكر على أن المشار إليه (جدير) أى: حقيق (بما يرد بعده) أى: بعد اسم الإشارة من الحكم المطلوب (من أجلها) متعلق بجدير أى: حقيق بذلك الحكم من أجل الأوصاف التى ذكرت بعد ذكر المشار إليه (نحو) قوله تعالى {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ٤ (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ})(١) فقد عقب المشار إليه وهو مصدوق المتقين بأوصاف هى الإيمان بالغيب وإقام الصلاة، والإنفاق مما رزق والإيمان بما أنزل والإيمان بالآخرة، ثم عرف المسند إليه باسم الإشارة، وهو أولئك المشار به إلى مصدوق الذين؛ تنبيها على أن المشار إليه كان جديرا بما يرد بعد اسم الإشارة من الحكم الذى هو الهدى عاجلا، والفلاح، وهو البقاء الأبدى فى النعيم آجلا من أجل تلك الأوصاف، فإن الذوق شاهد صدق على أنه إذا قيل الذى يحسن للسائل، ويغيث الملهوف، ويرحم الضعيف، ويقيم حق الضيف، ويعين على النوازل، ويوجد في الشدائد ذلك هو أهل التعظيم عند الورى، والأحق أن يتلقى
(١) البقرة: ٣: ٥.