مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه باللام العهدية

صفحة 213 - الجزء 1

  البلد إلا أمير واحد، وكقولك للداخل أغلق الباب وقد يشار باللام إلى حاضر؛ لأن حضوره كعهده، كما فى وصف المنادى، كيأيها الرجل، ووصف الإشارة، كقام هذا الرجل (أو) للإشارة (إلى نفس الحقيقة) أى: تعريف المسند إليه باللام يكون للإشارة بها إلى نفس الحقيقة، ومفهوم مسمى اللفظ من غير اعتبار لمصدوق ذلك اللفظ، ولتلك الحقيقة فى الخارج، وفى الإفراد وذلك (كقولك الرجل خير من المرأة) فإن المراد بلفظ الرجل مفهومه الذهنى، وهو الذكر الإنسانى لا مصدوق من ما صدقاته، وكذا المراد بلفظ المرأة ولهذا صح الإخبار بالخيرية على الإطلاق من غير حاجة إلى بيان وجهها؛ لأن الجنس والحقيقة خير من الجنس، ولو قصدت الفردية احتيج إلى بيان الوجه والأولى فى التمثيل قولنا، فى التعريف: الكلمة لفظ مفرد مستعمل والإنسان الحيوان الناطق؛ لأن الحكم فى التعريف حقيقى مفهومى لا فردى بخلاف الحكم بالخيرية؛ فإن الفضل بين الذكورية، والأنوثية إنما يتحقق من خصال الإفراد لا من تصور كل منها؛ لكن لما كان مآل التصور إلى الأفضلية فى الخارج ثبتت الأفضلية للحقيقة لذاتها لا من جهة التصور فإن الشيء الذى هو فى قوة الحصول يثبت له حكم الحصول ألا ترى إلى تفضيل زيد على عمرو، فإنه يصح باستعداده للنفع ولو لم ينفع بالفعل ويصح أن يراعى فى الخيرية خيرية مجرد الذكورية الثابتة على نفس الأنوثية من غير رعاية خصالها؛ فيكون الحكم حقيقيا لا فرديا، فلا يحتاج إلى التأويل تأمله.

  (وقد يأتى) المعرف بلام الحقيقة (ل) فرد (واحد) من أفراد الحقيقة (باعتبار عهديته فى الذهن) وفى هذه العبارة تسامح؛ لأن ظاهرها أن الفرد الواحد الذى استعمل فيه اللفظ له (عهدية فى الذهن) بنفسه فاستعمل له اللفظ باعتبارها؛ لكن المراد ظاهر للعلم بأن العهدية الذهنية من حيث هى للحقيقة فنسبتها للمفرد باعتبارها فمعنى الكلام أنه قد تقرر أن الكلى الطبيعى وهو اللفظ الموضوع للطبيعة أى: نفس الحقيقة المشتركة بين الأفراد قد يطلق على فرد من تلك الأفراد لوجودها فيه فيكون استعماله حقيقيا لا مجازيا فإذا صح هذا فى الكلى الغير المعرف، فالمعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة كذلك يصح فيه الإطلاق على فرد توجد فيه تلك الحقيقة؛ لأن تعينها باللام ذهنا لا