مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

فصل المسند إليه

صفحة 243 - الجزء 1

  قصد إلى إيقاعه فى شك وشبهة بل لمجرد إخفاء الواقع لغرض قطع اللجاج، أو لكون المخاطب لا يواجه من المتكلم أو كونه يزداد بعدا بالتصريح، أو نحو ذلك كقوله تعالى {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}⁣(⁣١) خبرين مستقلين وأو فيهما للتنويع فى الخبر كأن الإبهام فى أو إياكم وكأن الكلام جملتان فكأنه يقال: وإنا أو إياكم لعلى هدى وإنا أو إياكم لفى ضلال مبين، والخبران متلازمان وإن كانت أو فى الموضعين لمعنى واحد، وإنهما من عطف المفرد اشتمل الكلام على إبهام فى المسند إليهما والمسندين معا فكأنه يقال: أحدنا ثبت له أحد الأمرين، وهذا أشد إبهاما والله أعلم.

  وقد يكون للتخيير كقولك: لتكن لك هند أو ابنتها زوجة، وللإباحة كقولك: ليدخل الدار زيد أو عمرو والفرق بين التخيير، والإباحة أن الأول لا يصح معه الجمع بين المتعاطفين، والثانى يصح معه الجمع بينهما.

فصل المسند إليه

  (وأما فصله) أى الإتيان بعد المسند إليه بضمير الفصل، وإنما جعله من أحوال المسند إليه؛ لأنه يقترن به ويليه وهو فى اللفظ مطابق له؛ ولأنه على القول بأن له محلا من الإعراب، وأنه ضمير حقيقة عبارة عن المسند إليه وأما على القول بأنه صورة ضمير، ولا محل له فلا يتجه هذا لا يقال اقترانه باللام فى نحو قولنا: إن زيدا لهو القائم يدل على أنه من حيز المسند لأنا نقول دخول اللام عليه لكونه توطئة للمسند، لا لكونه عبارة عنه بدليل أن من أعربه أعربه مبتدأ، أو لأنه معرفة صورة فلا يناسب الخبر الذى الأصل فيه أن يكون نكرة (فلتخصيصه بالمسند) أى تعقيب المسند إليه بضمير الفصل لتخصيصه أى المسند إليه بالمسند بمعنى جعل المسند مختصا بالمسند إليه بحيث لا يتعداه إلى مسند له آخر كقولنا: زيد هو الساعى فى حاجتك فذكر ضمير الفصل ليفيد أن المسند، وهو الساعى مخصوص بالمسند إليه، وهو زيد بحيث لا يتعداه إلى أن يكون غير ساعيا، فالباء دخلت هنا على المقصور لا على المقصور عليه، ولو كان الأصل دخولها على المقصور عليه؛ لأن أهل العرف يدخلونها كثيرا على المقصور يقال


(١) سبأ: ٢٤.