موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر
  (أو) كانت كل (معمولة للفعل المنفى) بأداة من أدوات النفى، ويشمل عمل الفعل عمله فيها على أنها فاعل، أو مفعول مقدما، أو مؤخرا عن الأداة أو توكيدا لأحدهما؛ لأن العامل فى المؤكد عامل فى التأكيد، وعلى أنها غير ذلك ككونها مجرورة أو ظرفا وتأتى أمثلة بعض هذه الأقسام فى كلام المصنف، ونحن نمثل بالباقى فمعمولة على هذا التقرير معطوف على قوله داخلة ويحتمل أن يكون على تقدير فعل محذوف معطوف على قوله أخرت والتقدير؛ أو جعلت معمولة للفعل، وعلى كل تقدير ففى الكلام تداخل مع ما فى الوجه الثانى من التكلف فى عطف عامل محذوف مع بقاء معموله، وإنما قلنا فيه التداخل؛ لأن المراد كما قررنا التأخير لفظا، أو حكما وكونها معمولة لا يخرج عنهما، وأما حمل الكلام الأول على ما لا يكون فيه الفعل عاملا بشهادة المثال السابق فإن الفعل فيه ليس عاملا فى كل، أو على ما يكون فيه التأخير لفظا دفعا للتداخل فغير سديد؛ لأن المثال لا يخصص، والتأخير الحكمى حكمه حكم اللفظى ولو اندفع التداخل بما ذكر لم يرد تداخل أبدا لإمكان اندفاعه بمثل ذلك التأويل، فأما كونها معمولة للفعل المنفى مع كونها تأكيدا للفاعل (فنحو) قولك (ما جاءنى القوم كلهم و) أما كونها فاعلا، فكقولك (ما جاءنى كل القوم و) أما كونها مفعولا، فكقولك (لم آخذ كل الدراهم أو) قولك (كل الدراهم لم آخذ) الأول فى المفعول المؤخر، والثانى فى المقدم، وأما كونها تأكيدا لأحد المفعولين فكقولك لم آخذ الدراهم كلها أو الدراهم كلها لم آخذ وأما كونها مجرورا أو ظرفا فكقولك ما مررت بكل القوم أو ما سرت كل اليوم وقدم تمثيل تأكيد الفاعل؛ لأن الأصل فى لفظ كل ورودها للتأكيد مع كون الفاعل عمدة ومثل بلم ليتأتى التقديم عنده معها كلن، ولا بخلاف ما (توجه النفى) جواب؛ لأن أى إن كانت كل على الوجه السابق توجه النفى (إلى الشمول خاصة) بمعنى أن المنفى هو شمول الفعل لكل ما ينتسب له، وليس المنفى أصل الفعل بل يفيد الكلام حينئذ ثبوته للبعض، وسلبه عن البعض، وإلى هذا أشار بقوله (وأفاد) الكلام الذى فيه الفعل، أو الوصف مع كل (ثبوت) ذلك (الفعل أو) ذلك (الوصف لبعض) مما أضيف إليه كل، كما أفاد أيضا سلبه عن بعض ما أضيف له