مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

موافقة السكاكي لرأى عبد القاهر

صفحة 274 - الجزء 1

  باب سلب قيد العموم الذى هو أصل مدلول كل بعد النفى فغير سديد؛ لأن حاصل الأول إبداء الدليل على عدم صحة إرادة البعض، ولا يمنع ذلك إرادة خلاف الأصل بذلك التركيب المحكوم عليه بأنه أبدا يفيد البعض، وحاصل الثانى إبداء علة إرادة العموم بالتركيب، ولا يقتضى ذلك أن التركيب الأول الذى نحن بصدد بيان ما يراد منه لا يصح أبدا إلا للبعض تأمل.

  (وإلا) تكن كل فى حيز النفى بأن قدمت على النفى، ولم تكن معمولة للفعل المنفى (عم) النفى كل فرد من أفراد ما أضيفت له كل فتكون القضية التى فيها سالبة كلية (كقول النبى لما) أى: حين (قال) له (ذو اليدين) وهو رجل من الصحابة سمى بذلك لطول يديه (أقصرت)⁣(⁣١) بضم الصاد (الصلاة) فاعل قصرت (أم نسيت) يا رسول الله كل ذلك لم يكن فقوله كل ذلك لم يكن لما كانت كل فيه خارجة عن حيز النفى أفاد نفى النسيان، والقصر معا، فهو فى قوة أن يقال لا شيء من ذلك واقع كما ورد فى بعض الطرق لم أنس، ولم تقصر ويدل على أن المراد عموم السلب زيادة على هذا الوجه الوارد أن السائل إنما يسأل عن التعيين بعد اعتقاده ثبوت أحد الأمرين المردد بينهما فى السؤال، فالجواب المطابق لسؤاله تعيين أحد الأمرين، ولم يوجد فى الحديث، أو نفى كل من الأمرين تخطئة للمستفهم وهو الموجود فى الحديث، وأما حمله على أن المجموع لم يقع؛ بل وقع أحدهما من غير تعيين فيقتضى كون الجواب لم يفد السائل إذ لم يدل على زائد على ما عنده، وكذا يدل على أن المراد العموم قول ذى اليدين بل بعض ذلك وقع لأنه فهم عموم النفى لكلا الأمرين، فلذلك قال بعض ذلك وقع وهذا عربى يفهم مدلول الخطاب، كما هو، فتحقق بما ذكر أن الحديث لعموم السلب وهذا الحديث الشريف ورد فيه إشكال، وهو أنه قال أحق ما يقول ذو اليدين فلما تحقق أنه وقع بعض ذلك - وهو خلاف القصر - كمل صلاته فسجد بعد السّلام، فلزم بحسب الظاهر أن قوله كل ذلك لم يقع حيث دل على عموم


(١) رواه البخارى ومسلم.