إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر
  أى: خاتمة تلك الصفات يعنى قوله تعالى {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (المفيدة أنه) أى: ذلك الحقيق بالحمد (مالك الأمر كله فى يوم الجزاء) وقد تقدم فى ضمن ذكر الصفات ذكر معنى هذه الخلقة وإنما أفادت ملك الأمور كلها؛ لأن مفعول مالك محذوف، والحذف مما يفيد العموم، وليس يوم الدين مفعولا، بل هو ظرف أضيف إليه الوصف على وجه التوسع وتنزيل الظرف منزلة المفعول، كقولك صيام النهار أحسن من أكل اللذائذ وإنما قلنا على وجه التوسع؛ لأن الإضافة إلى الظرف المحض بأن يبقى على حاله يخل بالمبالغة التى هى أبلغ من اعتبار الحقيقة، وقولنا أن الحذف مما يفيد العموم فيه توسع، وإلا فالعموم من عموم المقدر المدلول للقرينة نعم يفيد الإيجاز فليفهم.
  وصح وصف المعرفة بمالك مضافا؛ لأن إضافة الوصف معنوية أو؛ لأن الوصف للثبوت لا للتجدد، وهو ظاهر (فحينئذ) أى: فحين انته العبد فى إجرائه تلك الصفات العظام على الحقيق بالحمد عن قلب حاضر إلى خاتمتها المفيدة ما ذكر أى: فى حين ما ذكر (يوجب) ذلك المحرك لتناهيه فى القوة (الإقبال عليه) أى: الإقبال من العبد على ذلك الحقيق بالحمد (و) يوجب (الخطاب) أى: خطاب العبد ذلك الحقيق بالحمد (بتخصيصه) متعلق بالخطاب، وقوله (بغاية الخضوع) متعلق بالتخصيص، وغاية الخضوع وهى العبادة، والباء فيهما للتعدية يقال خاطبته بكذا إذا كلمته به مواجهة (و) يوجب الخطاب بتخصيصه (بالاستعانة فى) جميع (المهمات) وذلك فى قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فمن تقديم المنصوب فيهما استفيد التخصيص، ومن حذف مفعول الاستعانة استفيد التعميم مع قرينة العجز فى كل مهم مع الحاجة إليه وقدرة المسؤول عليه مع نهاية كرمه ويحتمل أن يكون المستعان عليه حسن العبادة بقرينة تقارنهما، فاللطيفة المختص بها هذا المحل كون الالتفات الذى يحصل من العبد، وهو القلبى، وأما اللفظى فلا سبيل له إلى تحريكه، فلا دخل للعبد فيه أوجبته عند اللفظى قوة المحرك الحاصلة بالحضور، وذلك مطلوب؛ لأن الأدب فى الخطاب مع الحضور لا مع الغفلة، ويحتمل أن تكون اللطيفة كون الخطاب بالتخصيص لتنزله منزلة الإشارة إلى محسوس مشعرا بأن موجبه كون المخاطب بتلك الأوصاف العظام وتمييزه بها غاية