تقييد الفعل بالشرط إن وإذا ولو:
  من البديع، فلا يرد كما قيل: إنه من البديع، فيكون ذكره هنا تطفلا فافهم. (أو لعدم) عطف على قوله: تجاهلا، أى: تستعمل إن فى غير موقعها للتجاهل أو لعدم (جزم المخاطب) بالشرط، ولو جزم به المتكلم، (كقولك لمن يكذبك) أى: لمن لا يعتقد صدقك، بأن شك، ونسبك إلى الكذب لفظا (إن صدقت) فى إخبارى لك الذى كذبتنى فيه (فماذا تفعل) فتعبر بإن، ولو جزمت بوقوع الصدق الذى هو الشرط جريا على ما عند المخاطب واعتبارا لما يناسبه، وإنما قلنا لمن لا يعتقد إلخ؛ لأن معتقد الكذب جازم، فلا يكون التعبير بإن للجرى على ما عنده، (أو) ل (تنزيله) أى: المخاطب العالم بوقوع الشرط (منزلة الجاهل) وإنما ينزل كذلك (ل) سبب (مخالفته لمقتضى العلم) كقولك لمن يؤذى أباه: إن كان أباك فلا تؤذه، فعلم المخاطب بأنه أبوه محقق ومقتضاه أن لا يؤذيه، ولما أن أذاه نزل منزلة الجاهل بالأبوة، فعبر بإن فى شرط ثبوت الأبوة المقتضية للشك مع تحقق الأبوة عند المخاطب، ولكن هذا يقتضى أن المعتبر فى الشك هو المخاطب، وقد تقدم أن المعتبر هو المتكلم، ويمكن أن يجاب بأن عدم عمل المخاطب بمقتضى علمه، حتى نزل منزلة الجاهل، اعتبره المتكلم موجبا لشكه هو فى كونه أبا للمخاطب، فعبر بإن، أو يقال: لما نزل منزلة الشك أتى بالكلام مع إن إجراء له على ما يناسب ما عنده بعد التنزيل - كما فيما قبله. (أو التوبيخ) أى: يؤتى بإن فى المجزوم به للتوبيخ، أى: تعيير المخاطب على الشرط (وتصوير) أى: تبيين (أن المقام) الذى أورد فى شأنه الكلام (ل) أجل (اشتماله على ما يقلع الشرط) أى: يحقق زواله (من أصله لا يصلح) ذلك الشرط (إلا لفرضه) أى: إلا لأن يفرض (كما يفرض المحال) وفرض المحال يكون لغرض من الأغراض، كإرخاء العنان لإلزام الخصم - كما تقدم تمثيله - وذلك (نحو) قوله تعالى {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ}(١) أى: أنهملكم فنضرب عنكم القرآن بترك إنزاله لكم، وترك ما فيه من الأمر والنهى، والوعد، والوعيد، فالفاء على هذا فى أفنضرب لعطف ما بعدها على جملة تناسب كالمقدرة هنا، وهمزة الاستفهام داخلة على تلك الجملة، وقيل الأصل فأنضرب بدخول الفاء على
(١) الزخرف: ٥.