تقييد الفعل بالشرط إن وإذا ولو:
  الاستفهام كما فى قوله تعالى {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}(١) {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ}(٢) ثم قدمت الهمزة؛ لأن لها الصدر، فلا يحتاج إلى تقدير جملة، وهما إعرابان يجريان فيما يشبه ذلك نحو {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}(٣) (صفحا) يحتمل أن يكون مفعولا مطلقا بتقدير فعل، والتقدير أفنضرب عنكم الذكر، ونعرض عنكم إعراضا، أو بتضمين نضرب معنى الإعراض، أى: نعرض عنكم فى صرف القرآن عنكم إعراضا لا يقال الصرف هو الإعراض، فكيف يحتاج إلى تقدير، أو تضمين لأنا نقول: صرف الذكر عنهم، جعله مخاطبا به غيرهم دونهم، وهو ملزوم للإعراض الذى هو عدم الإقبال عليهم بالتكليف، وإهمالهم منه لا نفسه - كما لا يخفى - ويحتمل أن يكون حالا، أى: أفنضرب عنكم القرآن حال كوننا معرضين عنكم، ويحتمل أن يكون مفعولا من أجله، أى: أفنضرب عنكم القرآن لأجل عفونا عنكم ومساعدتكم دون سائر الخلق، وقد علم أنه يجب تفسيره حيث تؤول بما يتحد فيه الفاعل بما يخالف نفس الفعل كما فى هذين الاحتمالين، وقوله تعالى {أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ}(٤) شرط (فى) قراءة (من قرأ إن بالكسر) وأما من قرأها بالفتح فهو فى محل المفعول من أجله، ولكن إنما تظهر مناسبته لإعراب صفحا حالا، أو مفعولا مطلقا، وهو ظاهر فعلى أنه شرط يكون جوابه محذوفا دل عليه ما قبله، أو لا يحتاج إلى جواب؛ لأنه فى موضع الحال، فإسرافهم الذى - هو الشرط على هذا - محقق، ولكن اشتمال مقام ظهور الآيات، ونزول القرآن على ما يقلعه بحيث لا ينبغى أن يصدر من العاقل، ينبغى أن يكون كالمحال المعلوم الانتفاء بالضرورة، فإذا نزل منزلة المحال فليفرض كما يفرض المحال، والمحال ولو كان معلوم الانتفاء فليس محلا فى الأصل لأن ينزل كثيرا منزلة المشكوك، فتدخل عليه أن لإرخاء العنان لتبكيت الخصم - كما تقدم - ومنه قوله تعالى {قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ
(١) التكوير: ٢٦.
(٢) الأنعام: ٨١.
(٣) محمد: ١٠.
(٤) الزخرف: ٥.