مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

استطراد إلى التغليب

صفحة 347 - الجزء 1

  الجزم بانتفاء الشرط لزم عدم الثبوت فى جملتيها؛ لأن الفرض دلالتها على الانتفاء مع الربط فيما مضى، وفى هذا التقدير، ولو كان هو المتبادر شيء؛ لأن قوله لما أفادت الجزم بالانتفاء مع الربط أفادت عدم الثبوت فى الجملتين فيه ضرب من استلزام الشيء نفسه باعتبار نفى جملة الشرط، ولا يتم باعتبار الجملة الجزائية إلا بتقدير إفادتها التوقف كما تقدم، والوجه المتقدم فى الفرض هو معنى إفادتها التوقف مع الانتفاء فهو أولى أن يقرر به، لسلامته من إيهام استلزام الشيء نفسه، وهو القريب لكلام من حقق فى هذا المكان ويحتمل أن يراد بالثبوت المنفى الثبوت المفاد بالجملة الاسمية، ويستروح ذلك من كون التعليق إنما حصل بين شيئين منفيين من شأنهما أن يقعا، ويتحددا لا بين ثابتين دائمين، وهذا ولو كان خفى اللزوم عما تقدم هو المناسب لقولهم فإذا كانت للمضى، وعدم الثبوت فلا يعدل فى جملتيها عن كونهما فعليتين ماضويتين إلا لنكتة، ثم قولهم لا يعدل عن كونهما ماضويتين إنما ذلك على سبيل الكثرة، وإلا فهى واقعة للاستقبال موقع إن كما فى قوله (اطلبوا العلم ولو بالصين)⁣(⁣١) لأن الطلب استقبالى وكذا قوله (فإنى أباهى بكم الأمم يوم القيامة⁣(⁣٢) ولو بالسقط) غير أنه يمكن أن يقال هذه لا جواب لها، وإنما هى للربط فى الجملة الحالية كما تقدم فى (إن) والكلام فى الشرطية، ولكن وردت فيما ظهر فى الاستقبال الشرطى كقوله ولو تلتقى أصداؤنا بعد موتنا⁣(⁣٣) إلى أن قال:

  لظل صدى صوتى وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب

  فإذا تحقق أن أصل جمليتها المضى (فدخولها) أى: فالعدول عن المضى إلى دخولها (على المضارع فى نحو) قوله تعالى {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ}⁣(⁣٤) أى: فى كثير من الوقائع ({لَعَنِتُّمْ}) أى: لوقعتم فى بلاء وجهد وهلاك (لقصد استمرار الفعل)


(١) موضوع أخرجه ابن عدى والعقيلى والبيهقى، وغيرهم كما في ضعيف الجامع (١٠٠٥)

(٢) صحيح أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما بلفظ «فإني مكاثر ..» كما فى الإرواء (١٧٨٤).

(٣) صدر بيت لأبى صخر الهذلى في شرح أشعار الهذليين ص ٩٣٨، وشرح شواهد المغنى ص ٦٤٣، وهو للمجنون في ديوانه ص ٣٩، وعجز البيت: ومن دون رمسينا من الأرض سبسب.

(٤) الحجرات: ٧.