استطراد إلى التغليب
  لزوميتين كليتين صادقتين، وهما قوله تعالى {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} وكل قضيتين - كذلك - يصح ضم إحداهما للأخرى تنتجان نتيجة صحيحة، ومعلوم أن ضم إحداهما إلى الأخرى هنا ينتج، لو علم الله فيهم خيرا لتولوا، وهو غير صحيح، وإنما قلنا كليتين؛ لأن المعنى ليس على أن المراد قد يكون، ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم، وقد يكون لو أسمعهم لتولوا؛ لأن فيه بقاء بعض المدح لهم، وإنما لم يرد هذا، لأنا نقول القضية الأولى حملية فى المعنى معللة، وكأنه يقال لم يسمعهم الله لعدم علم الخير فيهم، وهى لا تنتج مع الثانية التى الغرض منها بيان أن دوامهم على الكفر لازم لهم أسمعوا، أو لا، لعدم اشتمالهما على شرط الإنتاج كما لا يخفى فتأمل.
  ثم أشار إلى ما يترتب على ما تقدم ليرتب عليها بيان موجب خروجها عن الأصل فقال وإذا كانت لو للشرط فى الماضى (فيلزم) حينئذ (عدم الثبوت) أى: عدم الحصول فى الخارج (و) يلزم (المضى فى جملتيها) أى: فى جملة الشرط، وجملة الجزاء المنسوبتين لها، أما كون الجملتين ماضويتين، فلأن كونهما استقباليتين ينافى ما قرر من كونها لتعليق شيء بشيء فيما مضى، وأما كونهما منفيتين أى: غير واقعتى النسبة، فلأن ثبوتهما أى: كون نسبتيهما حاصلتين ينافى التعليق الذى هو أن الشيء يحصل على تقدير حصول غيره؛ لأن معنى ذلك أن هذا كان بصدد الحصول لو حصل غيره، ومقتضاه عدم حصولهما معا، وإلا كان المقام مقام الإخبار بوقوعهما لا مقام بيان أن إحداهما كانت، بحيث تحصل لو حصلت الأخرى، وهذا معنى قولهم الحصول الفرضى ينافى الثبوت لا يقال وقوع النسبتين معا لا ينافى التعليق الفرضى؛ لأن القضية الشرطية بأى أداة وقعت ليس فيها دلالة على نفى وقوع الطرفين، ولهذا صح استثناء وقوع المقدم ليثبت التالى، كما يصح استثناء نفى التالى ليتحقق نفى المقدم؛ لأنا نقول هذا على الاستعمال المنطقى، وأما على الاستعمال اللغوى الكثير فالدلالة إنما هى على فرض الربط بين ما لم يحصل، وذلك هو المتبادر من استعمال (لو) فلذلك قلنا إن اللازم هو عدم الثبوت فى جملتيها، وقيل إن المعنى أن (لو) لما كانت للشرط فى الماضى مع