مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تقديم المسند وأغراض ذلك

صفحة 374 - الجزء 1

  عليه أنه من غير البابين فى الجملة؛ لأن ذلك يكفى فى تحقق عدم الاختصاص، ولا نفيد أن ثم فردا مما ذكر يجرى فى كل غير فضلا عن أن تفيد جريان كل فرد مما ذكر فى كل غير حتى يحتاج إلى الاحتراز عن تلك العبارة؛ لئلا تفيد هذا المعنى مع أن الكثير المحكوم عليه بعدم الاختصاص إذا كان معنى عدم الاختصاص هو جريان كل فرد من ذلك الكثير فى كل فرد من أفراد غير البابين على ما أشار إليه هذا القائل بالمثال لم يتضح فى نفس الأمر صدقه إلا بالدليل؛ إذ لا يتحقق جريان كل فرد من الكثير فى كل فرد من أفراد الغير بالضرورة كما لا يخفى، فيكون كلام المصنف يحتمل أن يكون غير مطابق إذا اعتبر هذا المعنى ثم لو سلم فالعبارة الأولى المعدول إليها لا تفيد هذا المعنى كما لا تفيده المعدول عنها؛ لأن عدم الاختصاص يكفى فيه الجريان فى مطلق غير البابين لا فى كل الغير كما بينا، وأيضا ذكر تلك الأحوال فى البابين ربما يتوهم منه اختصاصهما بها فلا يجرى شيء منها فيما يصدق عليه أنه غير البابين فيحتاج إلى أن ينبه على أن البعض مما ذكر يوجد فيما يصدق عليه أنه من غير البابين من غير حاجة إلى التعرض لكونه يجرى فى كل غير أو فى بعضه، وإنما يحتاج إلى ذلك لو كان الكلام مفيدا للجريان فى الغير.

  ويبقى النظر فى كون الجارى فى النثر هل يجرى فى كل ذلك الغير أو فى بعضه؟ فيقال حينئذ: الكثير يجرى فى كل غير والبعض يجرى فى بعض الغير دون بعض بنحو هذا التعبير. وأما العبارة المذكورة فلا تفيد هذا المعنى فكيف يحترز عنها، فقد تبين أن ذلك المعنى لا يقصد للاحتراز، ولا تفيده تلك العبارة المحترز عنها على تقدير وجودها فليفهم.

  (والفطن) أى: اللبيب (إذا أتقن) علما (اعتبار ذلك فيهما) أى: فى البابين (لا يخفى عليه اعتباره فى غيرهما) من المفاعيل والملحقات بها كالمجرور، والحال، والتمييز، والمضاف إليه فإذا علم مما تقدم مثلا أن تعريف المسند إليه بالعلمية لإحضاره فى ذهن السامع باسم يختص به حيث يقتضيه المقام كما إذا كان المقام مقام المدح فأريد إفراده؛ لئلا يخالج قلب السامع غير الممدوح من أول وهلة عرف أن المفعول به يعرف بالعلمية