إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:
  والإستعانة فى المهمّات.
  (٢٩٥) ومن خلاف المقتضى: المخاطب بغير ما يترقّب بحمل كلامه على خلاف مراده، تنبيها على أنه هو الأولى بالقصد؛ كقول القبعثرى للحجّاج - وقد قال له متوعّدا: «لأحملنّك على الأدهم»! -: «مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب»!(١) أى: من كان مثل الأمير فى السلطان وبسطة اليد، فجدير بأن يصفد لا أن يصفد(٢).
  (٢٩٦) أو السائل بغير ما يتطلّب؛ بتنزيل سؤاله منزلة غيره؛ تنبيها على أنه الأولى بحاله، أو المهمّ له؛ كقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ}(٣)، وكقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}(٤).
  (٢٩٨) ومنه: التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي؛ تنبيها على تحقّق وقوعه؛ نحو: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}(٥)، ومثله: {وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ}(٦) ونحوه: {ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}(٧).
  (٣٠٠) ومنه: القلب(٨)؛ نحو: عرضت الناقة على الحوض.
  وقبله السكاكىّ مطلقا.
(١) فحمل الأدهم فى كلام الحجاج على الفرس الأدهم - وهو الذى غلب سواده حتى ذهب البياض الذى فيه - وضم إليه الأشهب أى الذى غلب بياضه حتى ذهب سواده، ومراد الحجاج إنما هو القيد، فنبه القبعثرى على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير.
(٢) يصفد كيكرم: بمعنى يعطى، ويصفد كيضرب بمعنى يقيد لكنه فى ط الحلبى: فجدير بأن يصعد لا أن يصفد فليراجع!.
(٣) سورة البقرة: ١٧٩.
(٤) سورة البقرة: ٢١٥.
(٥) سورة الزمر: ٦٨.
(٦) سورة الذاريات: ٦.
(٧) سورة هود: ١٠٣.
(٨) هو أن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر والآخر مكانه.