مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:

صفحة 37 - الجزء 1

  (٢٨٨) والمشهور⁣(⁣١): أنّ الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه بآخر منها، وهذا أخصّ:

  مثال الالتفات من التكلّم إلى الخطاب: {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}⁣(⁣٢).

  وإلى الغيبة: {إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}⁣(⁣٣).

  (٢٩٠) ومن الخطاب إلى التكلم [من الطويل]:

  طحا بك قلب فى الحسان طروب ... بعيد الشّباب عصر حان مشيب

  تكلّفنى ليلى وقد شطّ وليها ... وعادت عواد بيننا وخطوب⁣(⁣٤)

  وإلى الغيبة: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}⁣(⁣٥).

  (٢٩٢) ومن الغيبة إلى التكلم {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ}⁣(⁣٦) وإلى الخطاب: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ}⁣(⁣٧).

  (٢٩٢) ووجهه⁣(⁣٨): أنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب: كان أحسن تطرية⁣(⁣٩) لنشاط السامع، وأكثر إيقاظا للإصغاء إليه؛ وقد تختصّ مواقعه بلطائف كما فى الفاتحة؛ فإن العبد إذا ذكر الحقيق بالحمد عن قلب حاضر، يجد من نفسه محرّكا للإقبال عليه، وكلما أجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام، قوى ذلك المحرّك إلى أن يئول الأمر إلى خاتمتها المفيدة: أنه مالك الأمر كله فى يوم الجزاء، فحينئذ: يوجب الإقبال عليه، والخطاب بتخصيصه بغاية الخضوع،


(١) هذا مذهب الجمهور.

(٢) سورة يس: ٢٢.

(٣) سورة الكوثر: ١ - ٢.

(٤) البيتان لعلقمة بن عبدة فى ديوانه ص ٣٣، والمصباح ص ٣٢، والإيضاح ص ١٥٨، طحا: ذهب وبعد. الولى:

القرب.

(٥) يونس: ٢٢.

(٦) فاطر: ٩.

(٧) الفاتحة: ٤ - ٥.

(٨) وجه حسن الالتفات.

(٩) أى تجديدا وإحداثا.