حال الفعل مع المفعول والفاعل
  تعلق بمفعول مخصوص، ثم جعلهما كنايتين عن الرؤية والسماع المتعلقين بمفعول مخصوص هما محاسنه وأخباره، وذلك بادعاء اللزوم بين مطلق الرؤية والسماع، وبين الرؤية والسماع المتعلقين بالمحاسن والأخبار إشارة إلى أن مآثره وأخباره ومحاسنه بلغت من الشهرة والانتشار بحيث لا تخفى على أحد فى كل وقت مادام الرائى رائيا والسامع سامعا بل ادعى اللزوم بين مطلق الرؤية والسماع وكون الرائى والسامع لا يرى إلا تلك المحاسن ولا يسمع إلا تلك الأخبار؛ لأنه لو رؤيت غير محاسنه أو سمعت غير أخبار مآثره تأتى ادعاء المشاركة فى الاستحقاق، فلا يكون وجود الرؤية والسماع شجو حساده فالمقصود إنما يحصل فى الانفراد فيه، وعلى هذا لا يرد أن يقال: لا يلزم من استلزام مطلق الفعلين لهما متعديين حصرهما فى محاسنه وأخباره؛ لأن قوة الكلام تدل على قصد الحصر بالادعاء؛ لأن ذلك أنسب بجعله منفردا.
  ففحوى الكلام يدل على أن القصد جعل الفعلين لازمين يستلزمان أنفسهما متعديين، مع حصرهما فيما تعديا له، وذلك نهاية المبالغة، فساق الكلام على طريق الكناية وهو أنه عبر بالملزوم وهو الرؤية والسماع اللازمين عن اللازم الذى هو الرؤية والسماع المتعديين المنحصرين، ذلك معنى الكناية على ما يأتى.
  ففى تركه المفعول والإعراض عنه إشعار بأن فضائله قد بلغت من الظهور والكثرة إلى حيث يكفى فى إدراكها دون غيرها مجرد أن يكون سمع سامع فى الدنيا وإبصار مبصر فيها، فيعلم أنه المنفرد بالفضائل وقد علم أنه يفوت هذا المعنى عند ذكر المفعول أو تقديره معهما أولا.
  (وإلا) أى: وإن لم يكن الغرض إثبات الفعل لفاعله أو نفيه عنه مطلقا بل قصد تعلقه بمفعول مخصوص؛ لأن الغرض أن الفعل المنسوب لفاعله يتعدى لمفعول (وجب التقدير) حينئذ لذلك المفعول المقصود تعلق الفعل به ويكون تقديره (بحسب القرائن) الدالة على تعين ذلك المفعول فإن كان المدلول عليه عاما قدرت اللفظ الدال عليه عاما، وإن كان خاصا قدر اللفظ خاصا، وجمع القرائن باعتبار الأماكن، وإلا فقد يكون الدال قرينة واحدة ثم المفعول حيث أريد، ولو حذف للقرينة لا بد له من سر موجب