مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

القصر

صفحة 410 - الجزء 1

  فقط؛ بحيث لا يتعداه إلى الكتابة، وإن كان الشعر وهو الوصف يتعدى هو زيدا إلى عمرو.

  (و) ثانى نوعى كل منهما: (قصر الصفة على الموصوف) وتحقيقه بالنسبة إلى الأول - وهو الحقيقى - أن يحكم بأن هذه الصفة لا تتجاوز هذا الموصوف إلى موصوف آخر مطلقا، وإن كان الموصوف هو يتجاوزها إلى غيرها كقولنا (لا إله إلا الله) فإن الألوهية حكمنا بأنها لا تتجاوز مصدوق الجلالة إلى غيره، كما أنها كذلك فى نفس الأمر، وهذا موجود كثيرا كما تقدم فى قولنا (ما خاتم الأنبياء إلا محمد ) فقد حكمنا بقصر ختم النبوة عليه ولا يقتضى ذلك أنه لا يتجاوز ختم النبوة إلى غيره من الأوصاف لتجاوزه إلى غيره كالشفاعة.

  وأما بالنسبة إلى الثانى - وهو الإضافى - فهو أن يحكم بأن هذه الصفة لا تتجاوز هذا الموصوف إلى موصوف آخر معين متحد أو متعدد وإن كانت هى تتجاوز إلى غير ذلك المعين، كأن يعتقد المخاطب أن الشعر وصف لعمرو فقط، أو له ولزيد فتقول (ما شاعر إلا زيد) فقصر الشعر على زيد، بحيث لا يتعداه إلى عمرو فقط، وإن كان يتعدى إلى غير عمرو، ومعلوم أن هذا أيضا لا يقتضى كون الموصوف مقصورا على صفة الشعر؛ بل يجوز أن يتعداه إلى الكتابة وغيرها وهذا كله ظاهر بسطناه؛ لأن هذا أول الباب.

  (والمراد) بالصفة فى هذا الباب الصفة (المعنوية) وعنى بالمعنوية: المعنى القائم بالغير، وهو ما يقابل الذات عند المتكلمين، ولا يعنى المعنوية التى هى الحال فقط، فشملت الوجودية والعدمية (لا النعت) أى: ليس المراد بالصفة هنا النعت النحوى، وفسر بأنه هو التابع الذى يدل على معنى فى متبوعه غير الشمول كالعالم، كقولك (جاءنى زيد العالم) فقد دل العالم على معنى هو العلم فى متبوعه، وهو زيد، واحترز بغير الشمول عن نحو (كلهم) من قولك: جاء القوم كلهم، وهو التأكيد خرج بالدلالة على المعنى فى المتبوع البدل، وعطف البيان والتأكيد الذى ليس للشمول؛ لأنها كلها لا