مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أنواع الإنشاء

صفحة 461 - الجزء 1

  مما معه المحبة، والتفسير بالأعم جوزه بعض اللغويين والأكثر من الناس على المنع، فيكون التفسير أولا أولى، (واللفظ الموضوع له) أى: للتمنى (ليت) فإن لفظ ليت موضوع لنفس التمنى المتعلق بالنسبة فإذا قيل: ليت لى مالا استفيد منه أن المتكلم تمنى وجود المال، وليست إخبارا عن وجود التمنى، وإلا كانت جملة بل هى حرف تصير به نسبة الكلام إنشاء بحيث لا يحتمل الصدق والكذب، وتفيد أن فى نفس المتكلم كيفية متعلقة بتلك النسبة فهى باعتبار تلك النسبة تفيد الإنشاء فيها إذ لا يقال فى المتكلم بقولنا: ليت لى مالا أحج به إنه صادق أو كاذب فى نسبة الثبوت للمال؛ لأنه متمن لتلك النسبة لاحاك لتحققها فى الخارج، وباعتبار ما وضعت لتشعر به عرفا مستلزمة لخبر وهو أن هذا المتكلم يتمنى تلك النسبة، ولهذا يقال: الإنشاء يستلزم الإخبار (ولا يشترط) فى وجود التمنى (إمكان المتمنى) بل يصح معه استحالته، وأما وجوبه فقد تقدم أن الحاصل يستحيل طلبه والواجب حاصل بخلاف الترجى فيشترط فيه الإمكان، ولذلك (تقول) فى التمنى (ليت الشباب يعود) مع استحالة عود الشباب عادة، ولا تقول لعل الشباب يعود وقد تقدم أن المتمنى لا بد أن تكون فيه طماعية، فإذا كان ممكنا فلا بد من نفى الطماعية فيه، وإلا كان ترجيا فإذا كان المال مثلا مرجو الحصول قلت: لعل لى هذا العام مالا أحج به، وإن كان لاطماعية فيه ثم لما ذكر اللفظ الموضوع للتمنى وهو ليت أشار إلى ألفاظ توسع فيها فاستعملت للتمنى وهى: هل ولو ولعل ولم يؤخر ذكر هل منها حتى يذكرها فيما تجوز فيه عن الاستفهام فى غيره؛ لمناسبة ما ذكر معه من لو ولعل فقال: (وقد يتمنى بهل) أى: وقد يستعمل للتمنى لفظ هل التى هى للاستفهام فى الأصل وذلك (نحو) قولك: (هل لى من شفيع)، وإنما يقال هذا لقصد التمنى (حيث يعلم أن لا شفيع) يطمع فيه ولتضمينها التمنى المستلزم لنفى المتمنى زيدت من التى لا تزاد فى الاستفهام الغير المنقول إلى النفى، ومعلوم أنه حيث يعلم أن لا شفيع لا يصح حمل الكلام على الاستفهام المقتضى؛ لعدم العلم بالمستفهم عنه ثبوتا أو نفيا ولكن هذا إنما يفيد عدم صحة حمل الكلام على الاستفهام، وأما حمله على خصوص التمنى فيفتقر إلى قرينة أخرى بدليل أن مثل هذا الكلام يقال عند العلم بنفى الشفيع