ألفاظ الاستفهام:
  يسئل عن معلوم ومقتضى أم المتصلة العلم بها فتنافيا، ولو لم يذكر أن مع هل أصلا أو ذكرت منقطعة بأن أريد الانتقال من كلام إلى آخر فقيل مثلا: هل زيد قام أم هل زيد قائم أو عمرو قائم؟ بمعنى بل عمرو قائم على وجه الإضراب لم يمتنع ولم يقبح كما سيأتى قريبا، (و) لأجل اختصاصها بالتصديق (قبح) استعمالها فى تركيب هو مظنة للعلم بحصول أصل النسبة، وهو ما يتقدم فيه المفعول عن الفعل نحو قول القائل: (هل زيدا ضربت؟) بتقديم زيد على ضربت، وإنما كان مظنة للعلم بحصول أصل النسبة؛ (لأن التقديم) أى تقديم المفعول (يستدعى) أى يقتضى غالبا (حصول التصديق) أى أن المتكلم حصل له تصديق (بنفس) وقوع (الفعل) الذى هو الضرب، وإنما سأل عن تعيين المفعول فكأنه يقول: هذا الضرب الصادر منك من الذى وقع عليه هل هو زيد أو غيره؟ فالمجهول هو المفعول فعلى مقتضى ظاهر الاستعمال، والغالب يكون سؤالا عن المفعول لا عن ثبوت أصل الفعل وعلى مقتضى أصل استعمال هل يكون سؤالا عن أصل الفعل وهو طلب تحصيل الحاصل، وهو عبث ينزل فى باب البلاغة منزلة المحال فكان بين ظاهرهما التنافى فقبح ونحو: زيد فى المثال سائر المتعلقات نحو: هل في الدار جلست؟ وهل راكبا جئت؟ وهل عندك قام عمرو؟ وإنما لم يمتنع لعدم لزوم إرادة ما يفهم غالبا من التقديم الذي هو السؤال عن المفعول بعد العلم بأصل الفعل لجواز أن يكون «زيدا»(١) مفعولا لفعل محذوف فلا يفيد الاختصاص، ولكن في هذا التقدير منع الفعل الظاهر من العمل بلا شاغل، وهو قبيح فالقبح على هذا الاحتمال يكون من تبادر التخصيص ومن قبح المقدر، وقيل لجواز أن يكون التقدير لمجرد الاهتمام، فالقبح على هذا التقدير من تبادر التخصص وغلبته، ويلزم عليه القبح ولو تحقق الاهتمام ووجد كقولك: هل وجه الحبيب تتمنى؟ قيل ولا قائل به، وعلى هذا يكون القبح مخصوصا بتقدير الفعل، وحينئذ يراعى ما حصل في نفس الأمر فإن قصد التخصيص امتنع وإن قصد تقدير الفعل قبح وإن قصد الاهتمام لم يقبح ولا يراعى في القبح المظنة كما أشرنا إليه قبل، وظاهر كلام المصنف ما قررنا به تأمل.
(١) جاءت هذه الكلمة منصوبة على سبيل الحكاية وكثيرا ما يستخدم الشارح | هذه الطريقة في شرحه.