ألفاظ الاستفهام:
  ثم القبح المذكور إنما يكون حيث لا يتصل العامل بشاغل كما في المثال (دون) ما إذا اتصل به نحو قول القائل (هل زيدا ضربته؟) فإنه لا يقبح لأن الفعل لما اتصل بالشاغل الذي هو الضمير لم يتعين التخصيص المفيد لحصول العلم بأصل النسبة، وإنما لم يتعين (لجواز تقدير) الفعل (المفسر) بفتح السين (قبل زيدا) فيكون الأصل هل ضربت زيدا ضربته، وإذا قدر قبل «زيدا» لم يفد تخصيصا فلم يقبح؛ لأن السؤال حينئذ يكون عن أصل ثبوت أصل الفعل لا عن المفعول بعد العلم بأصل الثبوت كما في المثال الأول، (وجعل السكاكى قبح) قول القائل (هل رجل عرف) المتفق على قبحه (ل) أجل (ذلك) المذكور، وهو كون التقديم للتخصيص المفيد للعلم بأصل الثبوت المنافي لمقتضى هل، وإنما جعله لذلك؛ لأن مذهبه كما تقدم أن نحو هذا المثال يقدر فيه أن رجلا مقدم عن تأخير على أنه فيه فاعل معنى، فالأصل في «هل رجل عرف» عنده: «هل عرف رجل» على أن رجلا بدل من الضمير فالتقديم يفيد التخصيص المنافي لمقتضى هل ولم يجعله ممتنعا لجواز أن لا يقدم للتخصيص بل لمجرد الاهتمام أو يكون الكلام بتقدير فعل يكون رافعا لرجل (ويلزمه) أى ويلزم السكاكي حيث جعل علة القبح تقديما يفيد التخصيص (أن لا يقبح) ما لا يصح فيه التقديم للتخصيص، لانتفاء علة القبح عنه نحو قولك: (هل زيد عرف؟) فإن تقديم المعمول فيه ليس للتخصيص المستدعى لحصول التصديق بأصل الفعل المنافي للطلب بهل، بل للاهتمام والتقوى كما تقدم إذ لا يصح تقدير تأخيره على أنه فاعل معنى كما قدر السكاكي في: هل رجل عرف؟ مع أن هذا التركيب أعنى: «هل زيد عرف» قبيح بالإجماع.
  وأجيب عن هذا بأن انتفاء علة من علل القبح، وهى كون التقديم للتخصيص لا يستلزم انتفاء جميع العلل فلا يلزمه أن يقول بحسن هذا التركيب، بل يجوز أن يقول فيه بالقبح لعلة أخرى إذ لا يلزم من نفى علة نفى جميع العلل، فاللازم عدم وجود القبح لتلك العلة لا نفى القبح مطلقا كما قال المصنف، (وعلل غيره) أى: غير السكاكي (قبحهما) أى علل قبح المثالين وهما: هل رجل عرف؟ وهل زيد عرف؟ بعلة أخرى غير ما علل به السكاكي في هل رجل عرف وهى (أن هل) كانت (بمعنى قد في