مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ألفاظ الاستفهام:

صفحة 474 - الجزء 1

  أحدهما: الإنكار؛ لأن من أنكر المناكر ضرب الأخ صداقة أو نسبا. والآخر: الحال؛ لأن الأخوة حالية إذ لا يراد استقبالها ولا مضيها؛ لأن الاستفهام الإنكارى لا يناسبه عرفا إلا الحال إذ لا معنى لقولنا: أتضرب زيدا وهو سيكون لك أخا؟! وقد يعني وهو عدم الآن إلا على تعسف، وإذا كانت حالية - وهى قيد في الفعل - أفادت إرادة الحال في الفعل لمقارنة الحال بقيدها، ولما كان هذا هو الكثير في استعمال هذه الجملة عرفا زاد وهو وأخوك ليدل على إرادة الحال في الفعل، وإذا كان المراد به الحال وهو ينافي مفاد هل في المضارع وهو الاستقبال فلم يصح أن يقال ما ذكر (كما يصح أتضرب زيدا وهو أخوك؟) لأن الاستفهام بالهمزة يصح فيه إرادة الحال ومعناها الإنكار بمعنى لا ينبغي أن يقع منك الضرب.

  فالإنكار إنما يتسلط هنا على الانبغاء، ويحتمل أن يتسلط على ما لم يقع من الضرب؛ لأن الحال أجزاء مضى بعضها وبقى البعض، وإنما قلنا كذلك؛ لأن الإنكار للواقع بمعنى نفيه لا يتأتى، فعلم مما ذكرنا من أن زيادة: وهو أخوك ليفهم منه أن المراد بالفعل الحال فيمتنع دخول هل عليه أن كل فعل مضارع أريد به الحال يمتنع دخول هل عليه سواء قيد بجملة حالية أو لا وذلك كقوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ}⁣(⁣١) فإن القرائن تدل على أن المراد إنكار القول الحالى لا الاستقبالى والمضى، وكذلك أتؤذى أباك وأتشتم الأمير حال الإذاية والشتم، فهذه المواضع وأمثالها ليست مواضع لهل؛ لأن المراد بالفعل فيها الحال، وهى تخلصه للاستقبال ولا يصح ما قيل هنا من أن المراد أن هل يمتنع دخولها على الفعل المقيد بالجملة الحالية أو ما يشبهها؛ لأنها تخلص الفعل للاستقبال والفعل الاستقبالى لا يتقيد بالحال، فإن امتناع الفعل الاستقبالى بالحال مما لا دليل عليه فلا يمتنع أن يقال: سيجئ زيد راكبا، وسأضرب زيدا غدا بين يدي الأمير بل هو مما قام الدليل على عكسه قال تعالى: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}⁣(⁣٢) أى صاغرين، و {إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ٤٢ مُهْطِعِينَ}⁣(⁣٣) أى: مسرعين وفي شعر الحماسة أى الشجاعة:


(١) الأعراف: ٢٨.

(٢) غافر: ٦١.

(١) الأعراف: ٢٨.