ألفاظ الاستفهام:
  المحذوف بالمذكور، ومع ذلك ليس فيها تأكد طلب الثبوت للشكر كما في الجملة الاسمية معها لجريانها على أصلها على ما سنذكر، وإنما كان أدل؛ (لأن إبراز) أى: إظهار (ما سيتجدد) الذي هو مضمون الفعل وهو الشكر (في معرض) أى في صورة (الثابت) حيث دل عليه بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت (أدل على كمال العناية بحصوله) من إبقائه على أصله كما تقدم أن الطالب إذا كثرت رغبته في شئ عبر عنه مما يقتضى ثبوته؛ لإظهار أنه من شأنه أن يتخيل حاصلا من كثرة الرغبة، والكلام ولو كان ممن لا يجرى له تخيل ولا وهم؛ لكنه يجرى على ما تقتضيه البلاغة العربية ليفيد لازم ذلك وهو كمال العناية فالعدول عن الأصل هنا لكمال العناية بمفاد المعدول إليه وهو الثبوت والحصول يدل على تأكد الطلب بخلاف ما لو أدخل هل على الفعل تحقيقا كما في: هل تشكرون أو تقديرا كما في: هل أنتم تشكرون فليس فيه من التأكيد ما في: هل أنتم شاكرون لجريان الأولين على الأصل، وللعدول فيه عن الأصل الدال على كمال الاعتناء بمفاد المعدول إليه كما تقدم.
  (و) هو أيضا أعنى: فهل أنتم شاكرون أدل على تأكيد طلب الشكر من أن يقال: (أفأنتم شاكرون) بإدخال همزة الاستفهام على الجملة الاسمية (وإن كان) هذا القول وهو: أفأنتم شاكرون (للثبوت) أيضا لكونه جملة اسمية، وإنما كان أدل من هذا القول الذي كان فيه الاستفهام بالهمزة؛ (لأن هل أدعى) أى: أقوى طلبا (للفعل من الهمزة)، ولو كان المطلوب فيها أيضا الدخول على الفعل فلما كانت هل أدعى للفعل من الهمزة كان العدول عما يلزمها دالا على شدة الاعتناء، وإلا لم يترك ما هو لها لازم بخلاف الهمزة، فالترك معها أسهل وهذا معنى قوله (فتركه معها) أى: ترك الفعل مع هل (أدل على ذلك) أى: على كمال العناية بحصول ما يتجدد بخلاف الترك مع الهمزة يعنى؛ لأن ترك اللازم لا يكون إلا لشدة الاهتمام بخلاف ترك غير اللازم؛ (ولهذا) أى: ولأن هل فيها هذه اللطيفة وهى أنها أدعى للفعل فلا يترك معها إلا لشدة الاعتناء بمفاد المعدول إليه بخلاف الهمزة (لا يحسن) العدول فيها عن الجملة الفعلية إلى الاسمية فيقال مثلا: (هل زيد منطلق؟) دون أن يقال: هل ينطلق زيد (إلا من البليغ) أى: لا يحسن