ألفاظ الاستفهام:
  الأوصاف، وسواء اتحد العارض - كما فى المثال الأول - أو تعدد - كما فى الثانى - قيل ويدخل فى المشخص المشخص النوعى يعنى اللغوى الشامل للصنف، فعلى هذا إذا قيل من فى هذا القصر؟ وقيل مثلا الإنسان الصقلى، وإذا قيل من فى السماء من أنواع العالمين؟ وقيل الملك - مثلا - كان تشخيصا بالعارض، وهذا بعيد من عبارة المصنف، وخرج بالمشخص العارض الغير المشخص، ككاتب، ونحوه، ثم إن من هاهنا لما كانت فى غاية الإبهام فلا إشعار فيها بخصوصية المجاب به، فإذا قيل: زيد، تصور السائل منه ذات زيد، كانت للتصور، ولو لزم من ذلك تصديق بكون خاص فى الدار، وأما قولنا فيما تقدم أدبس - فى الإناء أم عسل؟ فالمجاب به مستشعر من السؤال، فلم يزد الجواب تصوره، ولهذا قلنا فيما تقدم إنه يرجع فى التحقيق إلى التصديق، وعلى هذا يقاس ما يأتى فى ما ونحوها.
  (وقال السكاكى يسأل بما عن الجنس) والمراد بالجنس هنا: الجنس اللغوى الشامل للنوع، وسواء كان حقيقيا أو اصطلاحيا (تقول) فى الحقيقى (ما عندك أى: أى) جنس من (أجناس الأشياء عندك وجوابه) أى: وجواب ما عندك (كتاب ونحوه) كفرس، وإنما قلنا جواب ما عندك؛ لأن قوله أى: أى أجناس الأشياء عندك، إنما أتى به للتفسير من جهة المعنى؛ لأن السؤال بأى إنما يكون عن التمييز فلا يطابق جوابه جواب ما عندك، إلا أن مميز الجنس يستشعر منه الجنس، ففسر ما عندك بأى جنس عندك تسامحا لتلازم جوابهما، وإلا فالمجاب به عن أى هو أن يقال: شيء مكتوب أو شيء عاقل أو شيء ملبوس، ونحوه مما فيه ذكر المميز للجنس الموجود فافهم.
  وإنما قلنا المراد الخ؛ ليدخل فيه النوع الذى هو الماهية، والحقيقة، ولو كانت اصطلاحية نحو قولنا: ما الكلمة أى: أى جنس من أجناس الألفاظ هى؟ فيجاب بأنها لفظ مفرد مستعمل (أو عن الوصف) هو معطوف على قوله عن الجنس، أى: يسأل بما عن الجنس، وعن الوصف (تقول) فى السؤال عن الوصف (ما زيد) أى: أى وصف يذكر عند وصفه؟ فكأنه قال: هل يقال فيه كريم أو بخيل أو غير ذلك؟ وإنما قلنا كذلك؛ لأنه لو كان المعنى ما وصفه لكان المناسب الكرم ونحوه - تأمل.