ألفاظ الاستفهام:
  (وجوابه الكريم ونحوه) كالشجاع، والبخيل، والجبان، والأولى أن يقال: كريم بالتنكير، وقال السكاكى - أيضا - (و) يسأل بمن (عن الجنس) الكائن (من ذوى العلم تقول) فى السؤال عن الجنس من ذوى العلم (من جبريل) فتسأل عن جنس جبريل بعد العلم بأنه من ذوى العلم معنى السؤال (أبشر هو أم ملك أم جنى) لأن السائل عن هذا يعلم أنه شخص، ويجهل جنسه، فيجاب بأن يقال ملك، فلم يسأل عن شخصه كما تقدم ويؤيد هذا قوله:
  أتوا نارى فقلت منون أنتم ... فقالوا الجن(١)
  فقد سئلوا بمن وأجابوا بالجنس، ولو فهموا أن السؤال عن الشخص لقالوا فلان وفلان (وفيه نظر) أى: وفى كون السؤال بمن يكون عن جنس ذوى العلم نظر؛ لأن المنقول أنه إنما يسأل به عن المشخص - كما تقدم، وأما قوله: فقالوا الجن، فليس جوابا عن السؤال مطابقة، بل تخطئة للسؤال، فكأنه قيل ليس كما تظن من أنا أشخاص الآدميين فنجيبك بما يعيننا، وإنما نحن من جنس الجن، والتخطئة فى السؤال واردة، وإنما كلامنا فيما يقصد فى السؤال، وعلى هذا فهذا السؤال لا يقال فيه ملك كما اقتضى ذلك كون المعنى أبشر هو أم ملك أم جنى، وإنما يقال فيه لتشخيصه من بين أشخاص العقلاء ملك يأتى بالوحى للأنبياء، ومعلوم أن العقل لا مجال له هنا، وإنما يرجع فى هذا إلى السماع. (و) يسأل (بأى عما يميز أحد المشتركين) يعنى إذا كان ثم أمر يعم شيئين أو أشياء بحيث وقع فيه الاشتراك، وأريد تمييز أحد الشيئين أو الأشياء المشتركة (فى أمر يعمهما) أو يعمها فإنه يسأل بأى عما يميز المبهم، الذى هو صاحب الحكم؛ لأن العلم بالمشترك فيه وهو الأمر، العلم مع العلم بثبوت الحكم لأحد المشتركين أو المشتركات لا يستلزم ضرورة علما بتمييز صاحب الحكم من الشيئين أو الأشياء، فيسأل بأى عن المميز فى ذلك، وسواء كان الأمر المشترك فيه الذى قصد التمييز فيه هو ما أضيف إليه أى أم غيره فالأول (نحو) قوله تعالى حكاية عن المشركين
(١) البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في لسان العرب (سرا) وخزانة الأدب ٦/ ١٦٧، ١٦٨، والدرر ٦/ ٢٤٦.