مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوصل بغير الواو من حروف العطف

صفحة 532 - الجزء 1

  الانقطاع وكمال الاتصال، كما أشرنا إليه فى التقرير وهو صحيح؛ لأن الجملة التى لها محل بمنزلة المفرد فلا يحتاج فيها إلا إلى جامع واحد كالمفرد، بخلاف التى لا محل لها تعتبر نسبتها وما يتعلق بها من المفردات، ويراعى فى تلك النسبة ما ذكر من كمال الانقطاع والاتصال وغيرهما، ولهذا خصصوا التفصيل بالجملتين اللتين لا محل لهما، فلو كان ذلك التفصيل جاريا فى القسمين لم يكن وجه لتخصيصه بما لا محل له فافهم.

  ويرد هنا أن يقال: الواو تفيد الاشتراك فى حصول مضمون الجملتين خارجا، وهو أخص من مطلق الاشتراك فى شيء ما كالاشتراك فى الإمكان، إذ لو قيل مثلا: «يعطى زيد يمنع» بلا عطف احتمل أن يكون «يمنع» رجوعا عن الإخبار «بيعطى» وإذا عطف وقيل: «زيد يعطى ويمنع» أفاد حصولهما بالنصوصية، فلم لا يكون هذا القدر كافيا فى العطف بالواو كسائر الحروف؟ وأجيب بأن هذا القدر موجود فى ثم والفاء أيضا. فلم تختص به الواو فلم يكف، وأيضا الجمل المشتركة فى مطلق الحصول لا نهاية لها؛ فلا بد من خصوصية أخرى فاحتيج إلى ما تقدم لتحصيلها؛ فلذلك صعب الفصل والوصل كما تقدم، ثم فى البحث والجواب بحث ظاهر.

  أما البحث: فلأن احتمال ما لا عطف فيه للرجوع لا يسقط أغلبية ثبوت معنى الجملتين خارجا، والكلام كله مبنى على الأغلب.

  وأما الجواب فلأن مشاركة الحروف فيما ذكر لا توجب طلب خصوصية أخرى، بل توجب أن يقال: فيلزم الاكتفاء فى الحروف بما ذكر، فيقال حينئذ: نقول بموجبه وهو الكافى فى سائر الحروف كلها فالأولى فى الجواب عن البحث إذا سلم أن يقتصر على آخره بأن يقال: الاشتراك فيما ذكر فى غاية العموم كالاشتراك فى الخبرية وإمكان معناهما فلا يكفى، والأصح العطف فى كل شيئين كما تقدم. نعم إفادة الحرف لاجتماع حصول مضمون الجملتين خارجا - أعنى: الجملتين اللتين لا محل لهما من الإعراب - هو أول فائدة العطف فيهما فهو بمنزلة إفادته الاشتراط فى الحكم فى اللتين لهما محل من الإعراب وذلك لا يكفى فلا بد من خصوصية أخرى فيهما، كاللتين لهما محل من الإعراب كما تقدم. فافهم.