الفصل لكمال الاتصال
  والقسم الثانى: بدل البعض من الكل، والقسم الثالث: بدل اشتمال وقد اشترك هذان الأخيران فى كون المبدل منه غير واف بالمراد، حتى فى البدل الإفرادى فإنك إذا قلت «أعجبنى زيد» لم يتبين الأمر الذى منه أعجبك، وإذا قلت وجهه تبين، وهو بعض زيد فكان بدل البعض، وإذا قلت «أعجبتنى الدار حسنها» فكذلك، والحسن ليس بعضا فكان بدل اشتمال على ما تقرر، وبهذا يعلم أن البدل الاتصالى لا يخلو من بيان ووفاء، ولم يقتصر على البدل فى جميع الأقسام دون المبدل منه، مع أن الوفاء بالبدل؛ لأن مقام البدل يقتضى الاعتناء بشأن النسبة إلى المعنى، وقصدها مرتين أوكد ولا يقال فحينئذ يكون فى البدل بيان فيلتبس بعطف البيان؛ لأنا نقول: عطف البيان لا يتبين فيه المراد من المعطوف عليه، والبدل فهم معه معنى المبدل منه إلا أنه لم يوف بالغرض، كما يظهر من أمثلة كل منهما، وأيضا البيان فى البدل لم يقصد بالذات، بل المقصود تقرير النسبة، وعطف البيان المعنى به فيه هو التفسير والإيضاح لا تقرير النسبة، فافهم.
  ولما لم يعتبر المصنف بدل الكل لما تقدم كما لم يعتبر النعت فى الجمل التى لا محل لها؛ لأن المنعوت يستدعى كونه متصورا محققا وحده، بحيث يصح الحكم عليه بالنعت والجملتان من حيث إنهما جملتان بأن لا ينقلا إلى باب التصور، لا يصح الإخبار بإحداهما عن الأخرى؛ لأن المخبر به لا يستقل بالإفادة وكل جملة تستقل بالإفادة، اقتصر على بدل البعض والاشتمال فأشار إلى وجه الحاجة إلى البدل كما أشرنا إليه فقال: وإنما يحتاج إلى الإتيان بالثانية بدلا عن الأولى؛ (لأنها) أى: لأن الأولى (غير وافية بتمام المراد) كما فى بدل البعض والاشتمال فإن المراد فى الجمل الإخبار بالبعض أو بالمشتمل عليه، والإجمال والعموم الأول لا يفى بالمراد، وقد تقدم وجه عدم الاقتصار على البدل دون المبدل منه، كما أن المراد فيهما فى المفردات تحقق النسبة إلى البعض، أو إلى المشتمل عليه والأول غير واف به على الخصوص (أو كغير الوافية) كما فى بدل الكل، فإن الغرض منه فى المفردات تحقيق النسبة لمدلول اللفظ الثانى لنكتة وتقوية ذلك بالنسبة للأول لغرض من الأغراض، ولما كان المقصود الثانى بالذات صار الأول كغير الوافى، وتخصيصنا ما هو كغير الوافى بالمفرد يفيد أن قوله «أو كغير الوافية»