مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الفصل لكمال الاتصال

صفحة 547 - الجزء 1

  وجه الغلط أو السهو، وإنما المراد عمرو مثلا، ولذلك خصصنا «لا ريب فيه» بكونه لدفع التجوز كالتأكيد المعنوى وهو «هدى» بكونه لدفع الغلط والسهو كالتأكيد اللفظي، ويمكن على بعد أن يكون كل منهما لدفع الغلط والتجوز، ففى الأول يراد دفع التجوز فى ذكر زيد مع أن الجائى رسول زيد مثلا والغلط فى ذكر زيد لا عن رسوله المقصود وفى الثانى دفع التجوز فى ذكر زيد دون رسوله، أو الغلط بذكره دون عمرو، والاصطلاح على التقدير الأول، وإنما اعتبر أن المآل فى «لا ريب فيه» تحقيق كمال الهداية جعله بمنزلة تكرار اللفظ لمعنى واحد فكان التأكيد اللفظى أو البيان والخطب فى مثل هذا سهل.

  وأما التأكيد بنفس تكرار اللفظ فلم يتعرض له إذ لا يتوهم فيه صحة العطف، ثم ما ذكر إنما هو فى وجه امتناع عطف جملة هو هدى على ذلك الكتاب، وأما وجه ترك العطف على لا ريب فيه فلم يتبين بعد؛ لأن الامتناع إنما هو فيما بين التأكيد والمؤكد لا فيما بين التأكيد وتأكيد آخر، وقد وجه بأن لا ريب فيه لما كان تأكيدا تابعا لما قبله صار كهو، فلما امتنع العطف على ما قبله امتنع عليه لشدة ارتباطه بما قبله، فالعطف عليه كالعطف على ما قبله وفيه ما لا يخفى إذ لو تم حسن ترك العطف فيما بين كل تأكيد وآخر بل فيما بين سائر التوابع تأمل (أو) لكون الجملة الثانية (بدلا منها) أى: بدلا من الأولى فهو معطوف على قوله «مؤكدة للأولى» فكونها بدلا من موجبات كمال الاتصال ثم الذى يتحقق به الاتصال ثلاثة أقسام: القسم الأول: بدل الكل من الكل ولم يعتبره فى الجمل التى لا محل لها من الإعراب؛ لأنه لا يفارق الجملة التأكيدية إلا باعتبار قصد نقل النسبة إلى مضمون الثانية فى البدلية دون التأكيدية، وهذا المعنى لا يتحقق فى الجمل التى لا محل لها من الإعراب، إذ لا نسبة تنقل، وبعضهم اعتبره، ونزل قصد استئناف إثباتها منزلة نقل النسبة فأدخله فى كمال الاتصال، ومثل له بقول القائل: «قنعنا بالأسودين، قنعنا بالتمر والماء» فإذا قصد الإخبار بالأولى ثم بالثانية؛ لأن الأولى كغير الوافية بالمراد، لما فيها من إيهام ما، والمقام يقتضى الاعتناء بشأن المخبر به تفصيلا؛ لما فيه من تشريف المخبر، أو نحو ذلك كانت بدل كل،