مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوصل لدفع الإيهام

صفحة 567 - الجزء 1

  وليس المعنى: قلت لا فيما مضى، ثم أنشأ يقول: الآن أيدك الله كما هو مقتضى عطفه على نفس قلت، لأن العطف عليه يقتضى خروجه عن حيز قلت وأنه غير محكى به، كما لا يخفى فإن هذا المعنى ولو أمكن لا يقصد عرفا فى الغالب.

  والوجه الثانى وهو أقوى أن العطف فى مثل هذا الكلام واجب، ولو لم يتقدم فيه قلت ولا قدر أصلا، لعدم تعلق الغرض به، لانتفاء مناسبته للمقام، فلا بد من معطوف عليه، وهو مضمون لا فلو كان كما زعم ذلك الفاهم، اختص العطف بما فيه جملة قبل ولا وهو واضح البطلان، ثم أشار إلى الحالة الثانية بقوله: (وأما) الوصل الذى يكون (ل) أجل (التوسط) وهو أن لا يكون بين الجملتين أحد الكمالين، ولا شبه أحدهما (ف) يتحقق بين الجملتين (إذا اتفقتا) أى فيما إذا اتفقتا (خبرا أو إنشاء لفظا ومعنى) أى: اتفقتا فى أحدهما فى اللفظ، والمعنى معا (أو) اتفقتا خبرا أو إنشاء (معنى فقط) أى: فى المعنى فقط دون اللفظ (بجامع) أى: مع وجود الجامع فى ذلك الاتفاق، بأنواعه؛ لأنه إذا لم يوجد الجامع كان بينهما كمال الانقطاع، كما مر. فقوله وأما بفتح الهمزة، عطف على أما الأولى وقوله للتوسط، متعلق بمقدر، كما قررنا وقد تصحف فى نسخة بعض الناس بكسر الهمزة، فأحوجه الأمر إلى تقدير معطوف عليه قبلها، فصار تقدير الكلام هكذا، وأما الوصل فإما لدفع الإيهام وإما للتوسط فبقيت الفاء فى قوله: فكقولهم وفى قوله: فإذا اتفقتا ضائعة وبقيت إذا بلا جواب فى قوله: فإذا اتفقتا إن كانت شرطية، أو بلا متعلق ظاهران، كانت لمجرد الظرفية فاحتاج إلى جعل الفاء فى قوله: فكقولهم مؤخرة عن تقديم. وإن المعطوف عليه المحذوف، زحلقت عنه الفاء فأدخلت على كقولهم، وإلى تقدير الجواب، أو متعلق الظرف. وفى ذلك من التعسف والخبط لما فيه من الحذف الغير المعهود مع العجرفة ما لا يخفى، وكل ذلك أدى إليه كسر الهمزة فى إما، فوجب عده تصحيفا. وقد اشتمل كلام المصنف، على ثمانية أنواع من الاتفاق، وكلها من باب التوسط، وذلك لأن الاتفاق فى المعنى إما مع مطابقة لفظ كل من الجملتين للمعنى المتفق فيه، وفيه قسمان: مطابقة لفظيهما للمعنى الإخبارى، ومطابقته للمعنى الإنشائى أولا، مع مطابقة اللفظ. وفيه ستة أقسام؛ لأن