الوصل لدفع الإيهام
  الذى تتأدى إليه الصور المحسوسة الجزئية من الحواس الظاهرة فهو قوة قائمة بأول التجويف الأول من الدماغ وتحكم بين تلك الصورة المتأدية إليها كالحكم بأن هذا الأصفر هو نفس هذا الحلو مثلا، ويعنون بالصور ما يمكن إدراكه ببعض الحواس الظاهرة ولو كان مسموعا ويعنون بالمعانى الجزئية المدركة للوهم ما لا يمكن إدراكه بها وخزانته الخيال، وهو قوة قائمة بآخر ذلك التجويف أعنى تجويف الحس المشترك، فتبقى فيه تلك الصور بعد غيبتها عن الحس المشترك، وأما المفكرة فهى قوة تتصرف فى الصور الخيالية وفى المعانى الجزئية الوهمية وهى دائما لا تسكن يقظة ولا مناما، وإذا حكمت بين تلك الصور وتلك المعانى فإن كان حكمها بواسطة العقل كان صوابا وإن كان بواسطة الوهم والخيال كان غالبا كاذبا، كالحكم بأن رأس الحمار ثابت على جثة الإنسان والعكس، ولا ينتظم تصرفها بل تتصرف بها النفس كيف اتفق وهى إنما تسمى مفكرة فى الحقيقة إن تصرفت بواسطة العقل وحده أو مع الوهم، وإن تصرفت بواسطة الوهم وحده أو بالخيال وحده أو بهما، خصت باسم المتخيلة أو المتوهمة ولم يذكروا لها خزانة بل خزائنها خزائن القوى الأخر، وقد تقرر بهذا أن هناك فى الباطن سبعة أمور: القوة العاقلة وخزانتها، والوهمية وخزانتها، والحس المشترك وخزانته، والمفكرة. وبها أعنى هذه السبعة ينتظم أمر الإدراك وقد صرح بعض الحذاق من المحققين بأن النفس هى المدركة بواسطة هذه القوى، وأن نسبة الإدراك إليها كنسبة القطع إلى السكين فى يد صاحبه، وهذا كله عند الحكماء واستدلوا على تعدد هذه القوى بأن الآفة إذا أصابت محل تلك القوى ذهب إدراكها المخصوص، وأما المليون من أهل السنة فيجوزون هذا التفصيل والتعدد على وجه العادة والجعل من الله تعالى، ويجوز عندهم أن يكون المدرك هى القوة الواحدة وتسمى بهذه الأسامى باعتبار تعلقها بتلك المدركات وحكمها بتلك الأحكام، فهى من حيث حكمها بالأحكام الكاذبة، وإدراك المعانى الجزئية، وهم ومن حيث إدراك الصور الظاهرية من الحواس حس مشترك، وخيال ومن حيث التصرف الصادق، متعقلة ومن حيث التصرف الكاذب متخيلة ومتوهمة فإذا تقرر هذا فنقول: