مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوصل لدفع الإيهام

صفحة 572 - الجزء 1

  إلى الاتحاد فى الركنين وبهذا الاعتبار صح الجمع بالاتحاد فى المسند أو فى المتعلق حيث يكون القصد بالذات إلى الاتحاد فى ذلك المسند وذلك المتعلق لعوده لما ذكر كقولك ضرب زيد عمرا وكلمه خالد وقعد معه بكر؛ لأن المعنى حينئذ هؤلاء الأشخاص استووا فى تعلق فعلهم بعمرو، فعاد ذلك إلى الاتحاد فى الأركان، وبه يفهم قول من قال يكفى الجامع الذى هو المسند أو المتعلق تأمله (وبخلاف) قولك (زيد شاعر وعمرو طويل) فإن العطف فيه لا يصح (مطلقا) أى: سواء كانت مناسبة بين زيد وعمرو، من صداقة وعداوة مثلا أو لم يكن لأنها بعد وجودها لا تكفى فى صحة العطف لعدم وجود المناسبة بين المسندين، وهما الطول والشعر، وذلك ظاهر.

  ثم إن السكاكى قسم الجامع إلى عقلى ووهمى وخيالى، ونقل المصنف كلامه مغيرا لعبارته قصدا لإخلاصها وسنبين ما يلزم المصنف من الفساد على ذلك التغيير بعد الفراغ من شرح كلامه، ولكن ينبغى لنا أن نمهد تمهيدا لذلك التقسيم يتبين المراد به قبل الشروع فى شرح كلامه فنقول: زعم الحكماء أن القوى الباطنية المدركة أربعة: القوة العاقلة، والقوة الوهمية، وقوة الحس المشترك، والقوة المفكرة، فأما القوة العاقلة فزعموا أنها قائمة بالنفس أو بالقلب، تدرك الكليات والجزئيات المجردة عن عوارض المادة المعروضة للصور والأبعاد كالطول والعرض والعمق، لأنها مجردة ولا يقوم بها إلا المجرد، وزعموا أن لها خزانة هى العقل الفياض المدبر لفلك القمر، وأما الوهمية فهى القوة المدركة للمعانى الجزئيات الموجودة فى المحسوسات بشرط أن تكون تلك المدركات الجزئيات لا تتأدى إلى مدركها من طرق الحواس وذلك كإدراك الصداقة والعداوة وكإدراك الشاة معنى هو الإيذاء فى الذئب مثلا. ولذلك يقال إن البهائم لها وهم تدرك به كما أن لها حسا وتحكم تلك القوة بأحكام كاذبة، ثم تلك القوة أعنى الوهمية قائمة بأول التجويف الآخر من الدماغ وذلك أن للدماغ تجاويف أى بطونا، وأحدها فى مقدم الدماغ، وآخر فى مؤخره، وآخر فى وسطه فزعموا أن الوهم قائم بأول التجويف الآخر، وله خزانة تسمى الذاكرة والحافظة قائمة بمؤخر تجويف الوهم وأما الحس المشترك وهو