جامع التضايف
  فجعلوا الوجه الذى يقع به التشابه والتماثل فيه خاصا لا يكفى فيه المطلق العام، فإذا قيل زيد كعمرو، ولم يكف أن يقال فى الحيوانية وفى الإنسانية، بل فى وصف خاص زائد على ذلك كالكرم والشجاعة، فكأنه قيل فى الإنسانية مع الشجاعة فيتقوى بذلك ما اعتبر هنا لأن لباب الجامع تعلقا بباب التشبيه من حيث استدعاء كل منهما مشتركا فيه، فيكون ما اعتبر فى أحدهما معتبرا فى الآخر، لانتقال الذهن بذلك من أحد المعنيين للآخر وبه علم أنه ليس من الجامع إلغاء الخصوصية بل الغرض كل الغرض الجمع به بين المختصين، كما فى التشبيه فافهم وقد يقرر الجواب بوجه آخر قريب من هذا وهو أن المراد بالتماثل هنا الاشتراك فى وصف خاص، وكلاهما ينافى ظاهر كلام السكاكى لأن الظاهر من الحقيقة النوع لا وصف خاص وحده، ولا هو الحقيقة اللهم إلا أن يقال الاتحاد فى الحقيقة هو الجامع إلا أنه تارة يكفى ذلك كما تقدم فى زيد كاتب وعمرو كاتب، وتارة لا يكفى لتعلق الغرض فى الإفادة بما هو أخص فلا يكفى إلا بشرط وصف زائد، ولم يتكلم على الوصف الزائد اتكالا على بيانه فى محل آخر تأمله.
جامع التضايف
  (أو) يكون بين الجملتين (تضايف) فى ركن من أركانهما، وحقيقة التضايف بين شيئين أن يكون تعقل كل منهما متوقفا على تعقل الآخر، وذلك (كما) أى كالتضايف الذى (بين العلة والمعلول) فإن الأمر الذى يصدر عنه آخر يكون ذلك الأمر علة لذلك الآخر وذلك الآخر معلول له سواء صدر عنه استقلالا بأن يكون علة تامة كحركة الإصبع لحركة الخاتم فيه أو صدر عنه بواسطة بأن يكون علة تحتاج إلى الغير، كالنجار للسرير يصدر عنه بواسطة الآلة وكالنار للإحراق بواسطة اليبوسة وانتفاء البلل، ثم التضايف فى العلة والمعلول إنما هو فيما بين مفهوميهما لا بين ذاتهما إلا أن تعتبر الذات بالنسبة إلى كونها علة والأخرى معلولا فيجوز أن تعطف جملة العلة على جملة المعلول، فيقال مثلا العلة أصل والمعلول فرع أو يقال هذه العلة موجودة، وذلك المعلول موجود عنها أو يقال نظرا لما يصدق عليه كل منهما هذا النجار صانع والسرير مصنوع وفيه شيء لأنه لا يلزم من فهم النجار من حيث إنه نجار فهم خصوص