مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

جامع التضاد

صفحة 584 - الجزء 1

  المشترك هو القوة المدركة للصور الحسية، وأن الخيال خزانته فكان المناسب حيث جعل القوة التى جمعت بين الشيئين عند المفكرة، هى القوة المدركة فى العقلى، والوهمى أن يجعلها كذلك فى الخيالى، فيسميه حسيا لكن تساهل فجعلها هى الخيال التى هى الخزانة للحس إشارة إلى أن هذه القوى يمكن أن ينسب حكم المدركة منها إلى خزانتها، والعكس من جهة أن هذه القوى كما قيل بمنزلة المراءى المقابل بعضها لبعض، فهى يرتسم فى كل منها ما ارتسم فى الآخر، ثم فسر الجامع الخيالى على نمط ما تقدم فى العقلى والوهمى بقوله وذلك (بأن يكون بين تصوريهما) أى: متصورى الجملتين على ما تقدم من أن التصور يطلق على المتصور (تقارن فى الخيالى) الذى تقدم أنه خزانة الحس المشترك، وذلك التقارن لا بد أن يكون (سابقا) على العطف، ولا بد له من سبب عادة مرجعه إلى المخالطة والمثافنة، وتلك المثافنة تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة، فتكون لشخص دون آخر، وفى زمان دون آخر، وفى مكان دون آخر. وإلى ذلك أشار بقوله (وأسبابه) أى: أسباب التقارن فى الخيال (مختلفة) لأنها ولو كانت راجعة إلى مخالطة ذوات تلك الصور الحسية المقترنة فى الخيال تختلف أسباب تلك المخالطة بعينها، فيلزم صحة وجودها لشخص دون آخر. مثلا إذا تعلقت همة إنسان بصناعة الكتابة أوجب له ذلك مخالطة آلاتها من قلم ودواة ومداد وقرطاس، وإن تعلقت بصناعة الصياغة أوجب له ذلك مخالطة أمورها من سبائك الذهب والفضة وآلاتها وإن كان من أهل التعيش بالإبل - مثلا - أوجب له ذلك مخالطتها أمورها من رعيها فى خصب ناشئ عن المطر المنظور فيه إلى السماء ومن الإيواء بها إلى محل الرعى والحفظ كالجبال، ثم إلى الانتقال بها إلى أرض دون أخرى طلبا للكلأ، فتقترن الصور المذكورة لكل فى خيال مخالطها، فيصح عطف بعضها على بعض باعتبار من اقترنت فى خياله، وربما كانت المقارنة على وجه الترتيب، كما فى حال مخالطة الإبل فيصح العطف على وجه الترتيب؛ لأنه كذلك تجتمع عند المفكرة فإذا عكس ترتيبها لم يحسن لما فيه من التخليط الغير المألوف (ولذلك) الاختلاف فى الأسباب (اختلفت الصور الثابتة) أى: التى من شأنها أن تثبت (فى الخيال) وأشار بقوله (ترتبا وضوحا) إلى أن المختلف