جامع التضاد
  وصفين لا يجتمعان وهما المسبوقية بواحد وعدم المسبوقية أصلا، ولم يجعلا مما عد من الضدين كالأبيض والأسود. أما على مذهب من يشترط فى الضدين أن يكون بينهما غاية الاختلاف، فلا إشكال فى نفى الضدية عنهما لأن الثالث والرابع أشد مخالفة للأول من الثانى، وأما على مذهب من لا يشترط كما تقدم فيخرجان عن الضدية باشتراط الوجود فى الضدين والأول من مفهومه العدم لأنا قلنا فيه ولا يكون مسبوقا بشيء أصلا، فليس وجوديا لأن الوجودى ما لا يشتمل مفهومه على عدم والأبيض والأسود ليس من مفهومهما العدم. فإذا تحقق بشبه التضاد وجود الجامع الوهمى، فيقال السماء مرفوعة لنا والأرض موضوعة لنا والأول سابق والثانى لاحق، وشبه ذلك لوجود الجامع الوهمى فيما ذكر، ثم أشار إلى وجه كون التضاد وشبهه جامعا وهميا بقوله (فإن الوهم ينزلهما) أى التضاد وشبهه (منزلة التضايف) عند العقل، بمعنى أن العقل لما كان لا يخطر عنده أحد المتضايفين الأخطر الآخر وبذلك الارتباط جمعهما عند المفكرة فالوهم كذلك فى الضدين وشبههما، فالمعنى أنه يجمعهما عند المفكرة بسبب أن خطور أحدهما عنده يلزمه غالبا خطور الآخر فحكم باجتماعهما عند المفكرة تنزيلا لغلبة الخطور مع الآخر منزلة عدم الانفكاك كالمتضايفين (ولذلك) الارتباط الوهمى (تجد الضد أقرب خطورا بالبال) عند المفكرة (مع الضد) الآخر من سائر المغايرات الغير المتضادات بعضها مع بعض، فلذلك لا تجمعهما المفكرة بالوهم لعدم غلبة خطورها مع ما يغايرها مما سوى الضد، والسبب فى ذلك أن المقابل للشيء فيه ما يشعر بمنافاة مقابله، فيستنشق منه ذلك المقابل والوهم لا يبحث عن صحة وجود أحدهما بدون الآخر فلهذا حكم الوهم بالاجتماع، وأما العقل فيميز بين الربطين لأنه كثيرا ما يستحضر الضد دون مقابله، بخلاف المتضايفين ويخالفه الوهم لاتساعه ومجازفته، فيلحق الضدين بالمتضايفين لقرب حضور هذا مع هذا وقد جعل المصنف موجب الاجتماع بالجامع عند المفكرة هنا الوهم دون خزانته، وهى الحافظة كما تقدم فى العقلى، وجعل موجبه فى الخيالى الخزانة وإليه أشار بقوله (أو) جامع (خيالى) وهو أمر بسببه يقتضى الخيال اجتماعهما عند المفكرة، وقد عرفت فيما تقدم أن الحس