تذنيب
  العالم وإن أساء، ليس إن أساء جملة الحال، على أن إن شرطية بل كلام مستأنف وجوابه محذوف أى: وإن أساء فهو يكرم، فكأن القائل قال: وهو يكرم إن أساء فقال: وإن أساء فهو يكرم وقيل إنها حالية وليست إن شرطية أى: أكرمه فى حال إساءته أى: فأحرى فى غيرها، فالغرض من الكلام التعميم لا الشرط كقولهم: اضرب زيدا إن ذهب وإن مكث فليست إن شرطية فيه، بل المقصود فيه أيضا التعميم أى: اضربه فى كلتا الحالتين لامتناع أن يشترط فى حكم من الأحكام شيء وضده (وإلا) تخل الجملة عن ضمير صاحبها، بأن اشتملت على ضمير يمكن أن ترتبط به، فهى حينئذ إما أن تكون اسمية أو فعلية، والفعلية إما ماضوية أو مضارعية، والمضارعية إما مصدرة بالمضارع المثبت، أو بالمضارع المنفى، وبعض هذه الأقسام يتعين فيه الواو مع ذلك الضمير، وبعضها يجب فيه الضمير فقط، وبعضها يستوى فيه الأمران، أعنى: وجود الواو وانتفاءها، وبعضها يترجح فيه أحدهما فأشار إلى تفصيل ذلك وإلى بيان سببه فقال (فإن كانت) الجملة المتحملة لضمير صاحبها (فعلية والفعل) أى: والحال أن الفعل فيها (مضارع مثبت امتنع) جواب إن أى: إن كانت كما ذكر امتنع (دخولها) أى: دخول الواو عليها وذلك (نحو) قوله تعالى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}(١) على قراءة الرفع فى تستكثر، فيكون المعنى لا تمتن بشيء تعطيه حال كونك تعد ما تمن به من العطاء كثيرا، فلا يجوز أن يقال لا تمنن وتستكثر وأما على قراءته بالجزم على أنه جواب النهى فليس مما نحن فيه وهو ظاهر (لأن الأصل) أى: وإنما امتنع دخول الواو على الجملة ذات المضارع المثبت؛ لأن الأصل فى الحال هى الحال (المفردة) وأصالة المفردة إما بمعنى كثرة ورودها دون الجملة، وإما بمعنى أن الحال فضلة، وكونها فضلة يقتضى إعرابها بالنصب والإعراب يقتضى الإفراد لعراقة المفرد أى: تأصله فى الإعراب، وإنما تعرب الجملة محلا لتطفلها على المفرد بوقوعها موقعه كما فى الخبر والنعت، وإنما تأصل المفرد فى الإعراب؛ لأنه هو المحتاج إليه للتمييز كما تقرر فى محله، وإذا كانت الحال المفردة هى الأصل (وهى) فى أصل وضعها (تدل على حصول صفة غير ثابتة مقارن) حصولها (لما
(١) المدثر: ٦.