تذنيب
  جعلت) الحال (قيدا له) ويعنى بالصفة هنا المعنى القائم بالغير لا الصفة النحوية، أما دلالتها على الصفة المقارنة لما جعلت قيدا له، فلأنها وضعت لتدل على الهيئة الحاصلة للفاعل أو المفعول فى حال التلبس بالفعل كما تقدم فى المثال، والهيئة معنى قائم بالغير، وكونها فى حال التلبس بالفعل المقيد بها هو معنى المقارنة، وقولنا مثلا: جاء زيد غير راكب، دال على هيئة هى غير الركوب، وعلى تقدير التزام أنه لا يدل على الهيئة بل على نفيها، فنقول: ما تقدم هو الأصل، ووجود الحال على غير ذلك كما فى المثال نادر، وأما كون تلك الصفة غير ثابتة فلأن كلامنا إنما هو فى الحال المنتقلة، والانتقال يقتضى عدم الثبوت والدوام، وإذا كان الأصل هى المفردة وهى تقتضى ما ذكر (وهو) أى: المضارع المثبت يفيد ما ذكر (كذلك) أى: كالحال المفردة امتنعت فيه الواو كما امتنعت فى المفردة، وذلك لشبهه بها فى إفادته ما تقدم، أعنى أنه دال على حصول صفة غير ثابتة مقارن ذلك الحصول لما جعلت الحال قيدا له، كما دلت المفردة على ذلك.
  ولما كانت دلالة المضارع على الصفتين وهما حصول صفة غير ثابتة، وكون ذلك الحصول مقارنا لما جعلت الحال قيدا له، فيها بعض الخفاء أشار إلى بيان ذلك فقال: (أما الحصول) أى: أما دلالة المضارع على الحصول المذكور، وهو حصول صفة غير ثابتة (ف) يحصل الأمران أعنى: كون الصفة حاصلة وكونها غير ثابتة (ل) أجل (كونه فعلا مثبتا) من جهة كون المضارع مثبتا، يفيد الحصول لمضمونه ووقوعه لا نفى ذلك المضمون لعدم النافى، ومن جهة كونه فعلا يفيد عدم ثبوت ذلك الحصول وعدم دوامه، وذلك لأن الفعل فى أصل وضعه يدل على التجدد المقتضى للعدم، أما إفادته الحصول من جهة الإثبات فواضح، وأما إفادته عدم الثبوت والدوام من جهة كونه فعلا والفعل يفيد التجدد ففيه نظر؛ لأن غاية ما فى التجدد الوجود بعد العدم والمطلوب هو الانتفاء بعد الوجود، والفعل لا يدل على ذلك وقد يجاب بأن الفعل يدل على التجدد وقتا فوقتا وفى ضمن ذلك الانتقال وعدم الثبوت، ويرد بأن ذلك ليس أصلا فى الفعل بل الدلالة عليه بالقرائن، وقد يجاب أيضا بأن المعنى الذى تقرر فيه سبق العدم الذى هو