مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تذنيب

صفحة 605 - الجزء 1

  (وقال) الشيخ (عبد القاهر) فى الجواب عما ذكر (هى) أى: الواو (فيهما) أى: فى قولهم: قمت وأصك وقوله: نجوت وأرهنهم (للعطف) لا للحال فليس المعنى قمت صاكا وجهه فى الأولى، ولا المعنى فى الثانى نجوت راهنا لهم مالكا بل المعنى على العطف والمضارع بمعنى المضى (والأصل) فيهما قيل تحويل صيغة المضى قمت و (صككت) ونجوت (ورهنت) بعطف صككت على قمت ورهنت على نجوت ثم (عدل) عن لفظ الماضى المذكور (إلى) صيغة (المضارع حكاية للحال) أى: إنما عدل إلى صيغة المضارع لقصد حكاية الحال، ومعنى حكاية الحال أن يقدر المعنى الماضى حاضرا الآن أو يقدر المتكلم نفسه حاضرا فيما مضى، فيعبر عن ذلك المعنى بصيغة الحضور وهى صيغة المضارع؛ لأنها تدل فى الأصل على أن المعنى موجود حال التكلم، وإنما يعتبر ذلك إذا كان ذلك المعنى فيه غرابة وإعجاب فيقصد إلى إحضاره ليتعجب منه بما يمكن وهو الصيغة كما يقال: تعرض لى الأسد فأضربه بالسيف فأجهز عليه قصد الإحضار هذا المعنى الغريب ليتعجب منه وهو الإجهاز بالسيف على الأسد المتعرض، وإذا كانت الواو للعطف لم يرد ما ذكر على القاعدة (وإن كان) الفعل مضارعا (منفيا) عطف على معنى قوله: إن كانت فعلية والفعل مضارع مثبت إذ هو فى تقدير: فإن كان الفعل مضارعا مثبتا فعطف عليه، وإن كان منفيا.

  وقوله: (فالأمران) جوابه أى: فالأمران جائزان يعنى على السواء ولا ترجيح لأحدهما، ويعنى بالأمرين: الإتيان بالواو وتركه وبعضهم رجح الترك والمراد بالنفى هنا النفى بما أو بلا، لا النفى بلن؛ لأنها تخلص للاستقبال، والجملة الحالية يجب تجريدها عن علم الاستقبال كحرف التنفيس ولن، وإنما أوجبوا تجريدها عن علامة الاستقبال؛ لأن كونها حالية وصف ذاتى لها وحرف الاستقبال يحقق لها كونها استقبالية والحالية والاستقبالية متنافيان فى الجملة فكرهوا أن يقارن وصفها الذاتى ما يوجب منافاته فى الجملة، وإنما قلنا فى الجملة، لأن الحالية فى الجملة الفعلية واستقباليتها لا تنافى بينهما فى الحقيقة إذ المراد بحاليتها كونها تضمنت قيدا وقع حكم الفاعل أو المفعول فى حال وجود ذلك القيد وهذا لا ينافى الاستقبال لصحة التقييد بالمعنى الاستقبالى والماضى