مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تذنيب

صفحة 608 - الجزء 1

  كونه مضارعا) يدل على الحال المستلزم للمقارنة، وقد تقدم أنه أمر وهمى (دون الحصول) أى: ولم يدل على حصول صفة، وإنما دل بالمطابقة على نفيها وإن كان نفى الصفة يستلزم حصول ضدها لكن المعتبر فى التعليل هو المطابقة، التى هى الأصل فإذا قلت مثلا: جاء زيد ولا يتكلم، فالذى دل عليه قولك ولا يتكلم بالمطابقة، هو نفى الكلام وإن لزم منه ثبوت السكوت فلا يعتبر بكون الدلالة عليه التزامية، وحيث شابه الحال المفردة بإفادة المقارنة ولم يشابهها بعدم إفادة حصول صفة روعيت الجهتان فجاز الأمران اللذان كل منهما مقتضى جهة، كما فى المثالين.

  (وكذا) أى: وكما يجوز الإتيان بالواو وتركه فى المضارع المنفى يجوز الإتيان بالواو وتركه أيضا (إن كان) أى: الفعل الذى صدرت به الجملة الحالية فعلا (ماضيا لفظا) ومعنى معا (أو) كان ذلك الفعل ماضيا (معنى) فقط كما إذا كانت صيغته صيغة المضارع ولكن نفى بما يرده فى المعنى ماضويا والذى يرده ماضويا هو لم ولما فالأول وهو الذى يكون ماضيا لفظا ومعنى مقترنا بالواو (نحو قوله تعالى) إخبارا عن نبى الله زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسّلام ({أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ})⁣(⁣١) أى: كيف يوجد لى غلام مولود والحال أنى بلغنى الكبر، وامر أتى عاقر والسؤال ليس على وجه الشك فى المقدور بل سؤال فرح وتعجب فجملة بلغنى الكبر جملة حالية، وفعلها ماض اقترنت بالواو وغير مقترن، نحو قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}⁣(⁣٢) فجملة حصرت صدورهم، جملة حالية وفعلها ماض لم يقترن بالواو، أى: جاؤكم فى حال كونهم حصرت صدورهم، أى: ضاقت عن قتالكم مع قومهم أو قتال قومهم معكم.

  والثانى وهو أن يكون الفعل ماضيا معنى فقط، بأن نفى بلم أو لما فيه أربعة أقسام: المنفى بلم مع الواو، والمنفى بها بدون الواو والمنفى بلما مع الواو، والمنفى بها بدون الواو، وقد مثل للأقسام الثلاثة الأول ولم يمثل للرابع وكان ذلك لعدم وجدان


(١) آل عمران: ٤٠.

(٢) النساء: ٩٠.