تذنيب
  إنما يستلزم بتجدده سبق الانتفاء لا تأخره الذى هو المراد من عدم الثبوت، وقد تقدم فيه الجواب ولا يخلو من ضعف.
  (وأما) الماضى (ينتفى) بلما أو غيرها (ف) جواز الأمرين فيه أعنى: الإتيان بالواو وتركه إنما هو (لدلالته) أى: الماضى المنفى (على المقارنة) فأشبه بتلك الدلالة الحال المفردة لدلالتها عليها (دون الحصول) فلم يشبهها فيه لعدم دلالته عليه فمن حيث الإشباه بالمفردة فى المقارنة، يستدعى سقوط الواو كما فى المفردة ومن حيث عدم الإشباه فى الحصول الذى وجد فى المفردة يستدعى الإتيان بها.
  (أما الأول) أى: أما دلالته على المقارنة (فلأن) النفى على هذا الفرض إما أن يكون بلما أو بغيرها وأيا ما كان تلزم المقارنة أما لما فالأمر فيها واضح لأن (لما) إنما هى (للاستغراق) فى النفى فيما مضى إلى أن يتصل بزمن الحال، وهو حال التكلم، فإذا قيل: لما يقدم زيد فالمعنى أن زيدا انتفى عنه القدوم فيما مضى واستمر إلى الآن أى: إلى وقت التكلم، ولا يجوز أن يقال لما يقدم بالأمس، وقدم الآن؛ لأن وضعه لما لإفادة الاتصال بزمن التكلم على وجه التأكيد والقصد الأصلى فلا يقبل التخصيص بغيره، كما فى النفى بغيرها، كما يأتى وقد بنينا على أن ما يدل على زمن التكلم - وهو الحال - يفيد المقارنة على ما فيه من البحث السابق.
  (و) أما (غيرها) أى: غير لما كلم وما، فدلالته على المقارنة (ل) ما فيه من (انتفاء متقدم) على زمن الحال وهو وقت التكلم (مع) زيادة (أن الأصل) أى: الأمر الكثير فى ذلك النفى بعد تحققه (استمراره)؛ لأن الكثير فيما تحقق وثبت بقاؤه، لتوقف عدمه على وجود سببه، ونفى السبب أكثر من وجوده؛ لأن العدميات أكثر فيظن ذلك البقاء ما لم يظهر مغير، وسيأتى زيادة تحقيق لذلك واحترزنا بقولنا ما لم يظهر مغير مما إذا ظهر فلا يكون الأصل بقاءه، كما إذا شوهد انتفاء ذلك النفى، فلا يدل على المقارنة، ويعلل حينئذ جواز الأمرين بعلة أخرى ولأجل صحة وجود المغير فى غير لما لا يكون قولك مثلا فيما إذا لم يضرب زيد بالأمس، وعلم ضربه الآن لم يضرب زيد أمس لكنه ضرب اليوم تناقضا، بل يكون تخصيصا لذلك الأصل وإن كان الأصل بقاء