تذنيب
  النفى الواقع إلى زمن التكلم (ف) حينئذ (تحصل به) أى: بالنفى الموصوف بأن الأصل بقاؤه أو بكون الأصل فيه بقاءه (الدلالة عليها) أى: تحصل بالاستمرار الدلالة على المقارنة (عند الإطلاق) من التقييد بما يدل على التغيير وانقطاع النفى وإنما حصلت المقارنة بالاستمرار إلى زمن التكلم لأنا بنينا على أن الدلالة على حال التكلم كما فى المضارع تدل على المقارنة، وقد علمت ما فيه فإذا قلت جاء لم يتكلم أو ما تكلم أفاد المقارنة للنفى، بسبب كون الأصل استمراره (بخلاف) الماضى (المثبت) فلا يفيد الاستمرار المقتضى للمقارنة لا وضعا ولا استصحابا، كما فى الماضى المنفى أما عدم إفادته ذلك وضعا فظاهر (فإن وضع) أى: لأن وضع (الفعل) كائن (على) قصد (إفادة) مطلق (التجدد) الذى هو مطلق الثبوت بعد الانتفاء، فإنك إذا قلت: ضرب مثلا كفى فى صدقه وقوع الضرب فى جزء من أجزاء الزمان بخلاف ما إذا قلت ما ضرب فإنه يفيد استغراق النفى لجميع أجزاء الزمان إما لمراعاة الأصل كما تقدم وإما لأن الفعل حينئذ كالنكرة المنفية بلا فى سياق النفى، فإذا لم يشهد الفعل المثبت إلا بمطلق التجدد والماضى فرد من أفراد الفعل لم يفد أزيد من ذلك وضعا وهو الاستمرار، بخلاف المنفى (و) أما عدم إفادته ذلك بالاستصحاب كما يفيده النفى ف (تحقيقه) أى: بيانه (أن استمرار العدم) الذى هو مفاد الماضى المنفى (لا يفتقر إلى) وجود (سبب) بل إلى نفى وجود السبب فسهل فيه الاستصحاب المؤدى إلى المقارنة (بخلاف استمرار الوجود) الذى هو مفاد الماضى المثبت فإنه يفتقر إلى سبب موجود لا إلى نفى السبب، لما تقرر أن العدم فى حق الممكن يكفى فيه نفى السبب؛ لأنه أصل له ووجوده لا بد له من سبب موجود، وأما استمراره ليفيد فيه وجودا إثر وجود فلا بد له من سبب موجود مستمر ليجدد الوجودات، فصعب فيه الاستمرار فلهذا لم يعتبر فى المثبت الاستصحاب واعتبر فى المنفى وعلى هذا لا يرد أن يقال: كما أن المنفى يدل على حصول نفى الفعل واستصحب، لأن الأصل بعد تحقق الشيء استمراره كذلك المثبت يدل على حصول الفعل فيستصحب؛ لأن الأصل بقاؤه ما لم يظهر مغير وذلك لأنا نقول الاستصحاب فى الإثبات صعب لما ذكر بخلاف النفى، فاعتبر دوامه بالأصل ولم يعتبر فى المثبت وإنما