الإيجاز والإطناب والمساواة
  الأول أقرب، ثم استشهد لما تركت فيه الواو استحسانا لوجود حرف الابتداء فقال: (كقوله) أى: كقول الفرزدق (فقلت عسى أن تبصرينى)(١) حال كونى (كأنما بنى) حال كونهم كائنين (حوالى) أى: فى جوانبى وفى أكنافى للنصرة (الأسود) خبر عن بنى (الحوارد) أى: الغضاب؛ لأن أهيب ما يكون الأسد إذا غضب فحوارد جمع حارد من حرد بكسر الراء إذا غضب، فجملة بنى حوالى الأسود الحوارد جملة حالية استحسن فيها ترك الواو لوجود حرف الابتداء، وهو كأنما ولو لا دخول كأنما عليها ما حسن ترك الواو وقد تبين بما قررناه قبل قوله حوالى أنه ظرف فى موضع الحال من بنى والعامل فيه كأنما لما فيه من معنى الفعل إذ هو بمعنى أشبه (و) يحسن ترك الواو فى الجملة الاسمية تارة (أخرى ل) أجل (وقوع) تلك (الجملة الاسمية) الواقعة حالا (بعقب) أى: بإثر حال (مفردة) وذلك (كقوله:
  والله يبقيك لنا سالما ... برداك تبجيل وتعظيم)(٢)
  فقوله: سالما حال مفردة من الكاف فى يبقيك، وقوله: برداك تبجيل وتعظيم جملة حالية واردة بعد حال مفردة، فترك فيها الواو لئلا يتوهم أنها عاطفة لتلك الجملة على مفرد، والأقرب أن تركها لمناسبة ما قبلها وهى المفردة إذ لا يؤتى بها معها، وأما عطف الجملة على المفرد لأنها كانت بتأويله فليس بممنوع ولا مستقبح وقوله: برداك أى: ملبوساك وثناه باعتبار لفظى التبجيل والتعظيم المخبر بهما عنه مبالغة، ولو كان معناهما واحدا واستعارة لفظ الملبوس للوصف معروف للظهور فى كل منهما.
الإيجاز والإطناب والمساواة
  قال (السكاكى) فى الاعتذار عن ترك تعريف الإيجاز والإطناب من هذه الثلاثة تعريفا يعين القدر لكل منها بحيث لا يزيد ولا ينقص (أما الإيجاز والإطناب فلكونهما
(١) البيت للفرزدق في ديوانه (١/ ٣٤٦)، وفيه «اللوابد» مكان «الحوارد» وأساس البلاغة ص (٧٩) (حرد) والحيوان (٣/ ٩٧)، ومعاهد التنصيص (١/ ٣٤)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص (٥٠١)، ومقاييس اللغة (٢/ ٥٢).
(٢) البيت لابن الرومى على بن العباس بن جريج الشاعر العباسى فى التخليص فى علوم البلاغة، والإيضاح فى علوم البلاغة بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى.