مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف الإيجاز والإطناب

صفحة 625 - الجزء 1

  المتعارف، وهو يارب شخت فلا يكون إيجازا باعتبار التفسير الأول ولكنه إيجاز باعتبار الثانى؛ لأن ظاهر المقام يقتضى أبسط منه إذ هو مقام التشكى بانقراض الشباب وإلمام المشيب، وهو أشد شيء يشتكى منه لمن يدفع عوارضه الاستقبالية ويجدد الفوائت الماضية وذلك يقتضى ظاهرا أبسط مما ذكر، كأن يقال وهن عظم اليد والرجل، وضعفت جارحة العين، ولانت حدة الأذن إلى غير ذلك، لكن باطن المقام يقتضى الاقتصار على ما ذكر، ليتفرغ لطلب المقصود فبين التفسيرين عموم من وجه يجتمعان فيما لو قيل: رب شخت فإنه أقل من مقتضى الحال لاقتضائه أبسط منه، لكونه مقام التشكى من إلمام المشيب وانقراض الشباب على ما تقدم، وأقل من المتعارف أيضا وهو يا ربى شخت بزيادة حرف النداء وياء الإضافة وينفرد الثانى وهو كونه أقل مما يقتضى المقام فى قوله تعالى: - مثلا - {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} إلخ إذ يقتضى المقام كما تقدم أكثر منه، والمتعارف أقل منه كما لا يخفى وينفرد الأول وهو كونه أقل من المتعارف بنحو قول الصياد: غزال عند خوف فوات الفرصة، فإنه أقل من المتعارف، وهو هذا غزال وليس أقل مما يقتضى المقام؛ لأنه يقتضى هذا الاختصار كما تقدم أول الكتاب، وذلك ظاهر، ولا يخفى عليك إجراء هذه النسبة أعنى: نسبة العموم من وجه على التفسيرين فى الإطنابين أيضا. وقد علم بما قررنا أن المراد بما ذكر فى كلام المصنف الكلام الذى يذكره المتكلم فى ذلك المقام ويأتى على أنه موجز، وقيل المراد به ما ذكره آنفا وهو المتعارف، فكأنه يقول فى الإيجاز يرجع أيضا إلى كون المقام يقتضى أبسط من المتعارف، فالإيجاز على هذا ما كان أقل من مقتضى المقام بشرط أن يقتضى المقام أكثر من المتعارف، ويلزم عليه أن ما كان أقل من المتعارف وقد اقتضى المقام قدر المتعارف لا يكون إيجازا ولم يعرف لهذا قائل إذ هو تحكم محض، فالتفسير لما ذكر بما ذكر متعين.

  (وفيه) أى: وفيما ذكر السكاكى من أن كون الشيء نسبيا يوجب عسر التحقيق فى تعريفه وعدم إمكانه (نظر) وذلك (لأن كون الشيء نسبيا لا يقتضى تعسر تحقيق معناه) بالتعريف، إذ كثيرا ما تحقق المعانى النسبية فى التعاريف وذلك بأن تعرف تعريفات تليق بها، كما تقدم فى تعريف البنوة مثلا ومثلها الأبوة والأخوة وغيرهما