مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف الإيجاز والإطناب

صفحة 626 - الجزء 1

  والجواب ما تقدم من أن مراد السكاكى بالتعريف الممنوع التعريف المقتضى تعيين المقدار، بحيث لا يزاد عليه ولا ينقص لتوقف ذلك كما تقدم على اتحاد المنسوب إليه وقد تقدم أن عبارته لا تفى بالمقصود، والدليل على هذه الإرادة كما تقدم تعريفه للإيجاز والإطناب بعد حكمه بالتعسر الذى هو الامتناع لا يقال التعسر لا يقتضى الامتناع، فيكون التعريف لاقتحام ذلك التعسر ويبقى نظر المصنف لأنا نقول المتعسر ما لم يبن على أمر عرفى، ولم يعرفه على غير ذلك البناء؛ لأن الواقع عدم إمكانه كما حررناه فتعين الحمل على ما ذكر فتم الجواب دفعا للبحث وقد تقدم التنبيه على الحاصل من الجواب (ثم) ما ذكر أيضا السكاكى وهو (البناء على المتعارف) فى التعريف لهما (و) كذا البناء فى التعريف لهما على (البسط الموصوف) بما تقدم بأن يقال فى البناء على المتعارف كما تقدم الإيجاز أداء المقصود بأقل من المتعارف والإطناب أداؤه بأكثر، ويقال فى البناء على البسط الإيجاز أداء المقصود بأقل مما يقتضيه المقام والإطناب أداؤه بأكثر منه فيه بحث أيضا إذ ذاك فى الحقيقة (رد إلى الجهالة) والمطلوب من التعاريف الإخراج من الجهالة لا الرد إليها، وإنما قلنا فى الأول هو من الرد إلى الجهالة؛ لأن تصور التعريف متوقف على تصور جميع أجزائه الإضافية وغيرها والمتعارف المذكور فى التعريف حينئذ لم يتصور قدره ولا كيفه، من تقديم وتأخير وغير ذلك، فيزداد بذلك جهله ولو كان الكيف لا يتعلق به الغرض هنا إلا أن الجهل به يزداد به جهل الشيء فيكون التعريف المذكور فيه لفظ المتعارف مجهولا وكذا الثانى إنما قلنا فيه إنه من الرد إلى الجهالة؛ لأن كون المقام يقتضى كذا وكذا لا أقل ولا أكثر مما لا ينضبط، فلا يكاد يعرف لتفاوت المقامات كثيرا ومقتضياتها مع دقتها والجواب عن الأول أنا لا نسلم أن المتعارف غير معروف، بل يعرفه كل أحد من البلغاء وغيرهم وذلك لأن الألفاظ قوالب المعانى، فهى على قدرها فمن عرف الوضع عرف أى: معنى يفرغ فى هذا القالب من اللفظ. وأى معنى يفرغ فى ذلك للعلم بأن المعنى الذى يكون على قدر اللفظ هو ما وضعه له مطابقة، وذلك سهل مدرك لمدرك الوضع ولو كان