ضرب لم يخرج مخرج المثل:
  الْكَفُورَ}(١) فهو إيغال من جهة أنه ختم الكلام بما فيه نكتة، يتم المعنى بدونها وتذييل من جهة أنه تعقيب جملة بأخرى تشتمل على معناها للتأكيد وينفرد الإيغال فيما يكون بغير جملة ولغير التأكيد كما تقدم فى قوله الجزع الذى لم يثقب، وينفرد التذييل فيما يكون فى غير ختم الكلام للتأكيد بجملة كقولك مدحت زيدا أثنيت عليه بما فيه فأحسن إلىّ ومدحت عمرا أثنيت عليه حتى بما ليس فيه فأساء إلىّ.
ضربا التذييل:
ضرب لم يخرج مخرج المثل:
  (وهو) أى: التذييل المذكور (ضربان) أى: نوعان:
  (ضرب) أى: نوع منهما (لم يخرج مخرج المثل) وذلك بأن لا يستقل بإفادة المراد، بل يتوقف على ما قبله، وإنما لم يخرج المتوقف مخرج المثل؛ لأن المثل وصفه الاستقلال لأنه كلام تام نقل عن أصل استعماله، لكل ما يشبه حال الاستعمال الأول كما يأتى فى الاستعارة التمثيلية كقولهم: الصيف ضعيت اللبن، فإنه مستقل فى إفادة المراد، وهو مثل يضرب لمن فرط فى الشيء فى أوانه وطلبه فى غير أوانه. ثم مثل لهذا النوع، وهو التذييل الغير المستقل بقوله (نحو) قوله تعالى: ({جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ}) وإنما يكون هذا المثال من هذا الضرب (على وجه) وهو أن يجعل المعنى وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص، وهو إرسال سيل العرم وتبديل الجنتين إلا الكفور، مثل آل سبأ؛ لأنه إن تؤول على هذا الوجه ارتبط معنى وهل يجازى إلا الكفور حيث أريد الجزاء المعين بما قبله، فلا يجرى مجرى المثل فى الاستقلال.
  ولا بد أن يقع اختلاف بين نسبتى الجملتين، فيخرج التكرار كما تقدم فى كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون، فإن قوله تعالى: {جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا} ومضمونه أن آل سبأ جزاهم الله تعالى بكفرهم، ومعلوم أن الجزاء بالكفر عقاب كما دلت عليه القصة، ومضمون قوله تعالى: {وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ} أن ذلك العقاب
(١) سبأ: ١٧، وفيها «يجازى» بالياء والكفور بالرفع، وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو وابن عامر وعاصم فى رواية أبى بكر. (كتاب السبعة فى القراءات لابن مجاهد ص (٥٢٩).