ضرب لم يخرج مخرج المثل:
  المخصوص، لا يقع إلا للكفور. وفرق بين قولنا جزيته بسبب كذا وبين قولنا ولا يجزى بذلك الجزاء إلا من كان متصفا بذلك السبب ولتغايرهما يصح أن يجعل الثانى علة للأول، فيقال جزيته بذلك السبب لأن ذلك الجزاء لا يستحقه إلا من اتصف بذلك السبب ولكن اختلاف مفهومهما لا ينافى تأكيد أحدهما بالآخر للزوم بينهما معنى، والتأكيد الواقع فى جعل الكفر سبب لذلك الجزاء مناسب هنا لما فيه من الزجر عنه المناسب للتقبيح لشأنه على وجه التأكيد. وإنما قال على وجه لأنه إن تؤول على وجه آخر، وهو أن يراد، وهل يجازى أن يعاقب مطلق العقاب إلا الكفور، لا يفيد كونه عقابا مخصوصا جرى مجرى المثل فى الاستقلال، فيكون من الضرب الثانى الآتى لعدم ارتباطه بما قبله لا يقال فحينئذ لا يكون ما قبله، لعدم دلالته على معناه لأن الأول تضمن عقابا مخصوصا، والثانى مطلق العقاب لأنا نقول الحصر يقتضى أن لا أعقاب إلا الكفور مطلقا فيصدق هذا بالعقاب المتقدم، ولو لم يتقيد به وصدقه به يوجب تأكيده فى الجملة.
  قيل: إن الوجه الثانى مبنى على أن الجزاء يطلق على المقابلة بالفعل، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ولو كان فى معنى مقابلة الكفر كان هلاكا، وهذا يقتضى أن الوجه الأول مبنى على أن الجزاء يراد به العقوبة فقط، وهذا البناء لا تظهر له صحة، لصحة أن يكون المعنى على أن الجزاء يراد به العقاب، وهل يعاقب ذلك العقاب فيكون من الأول، أو يكون المعنى وهل يعاقب مطلق العقاب فيكون من الثانى، ولصحة أن يكون المعنى على أن الجزاء يراد به المكافأة فى الجملة وهل يكافؤ بتلك المكافأة المخصوصة إلا الكفور فيكون من الأول أيضا أو يكون المعنى وهل يكافؤ بالشر مطلقا إلا الكفور، فيكون من الثانى وغايته أن المكافأة على الثانى تتقيد بالشر، وتدل عليه المقابلة بالكفر ولا محذور فى ذلك ولا تتوقف إرادة العقاب بها على الجملة الأولى حتى تكون من الأول جزما؛ لأن ذكر الكفور يدل على تلك الإرادة فصح الاستقلال فليتأمل.