التذييل لتأكيد منطوق
  لست تبقى (أخا) لنفسك تدوم لك مودته، وتبقى لك مواصلته حال كونك (لا تلمه) من لم شيء جمع بعضه إلى بعض (على شعث) أى: لا تضم ذلك الأخ إليك على ما فيه من الشعث، وهو فى الأصل انتشار الشعر، لعدم تعاهده بالإصلاح والدهن، فتكثر أوساخه واستعير هنا للأوساخ المعنوية، وهى الأوصاف الذميمة الموجبة للتفرق والترك ووجه الشبه الاستقباح، وعدم الجريان على النمط المستحسن فمنطوق هذا الكلام على ما أعربنا جملة لا تلمه من أنها حال من التاء أن الإنسان إذا كان على هذه الحالة، وهو أنه لا يضم إليه من يطلب مودته وأخوته على ما فيه من الخصال الذميمة، فلا يبقى لنفسه أخا فى الدنيا وإنما قلنا فى الدنيا لأن النكرة فى سياق النفى تعم، ومعلوم أنه لو وجد فى الدنيا مهذبون كثيرون ذوو أخلاق طيبة مرضية لم يقصد هذا الكلام على عمومه؛ لأنه بعد أن يكون بهذه الحالة بأن لا يضم إليه أخا بشعث يجد أخا آخر مهذبا فلا يصدق أن يكون بهذا الوصف فلا يبقى لنفسه أخا فلزم من معنى هذا الكلام أنه لا مهذب الأخلاق من أهل الدنيا، إذ ليس الحديث عن أهل الآخرة، ثم أكد هذا المعنى اللازم للمفهوم من هذا الكلام بقوله (أى: الرجال المهذب) والاستفهام للإنكار، فمعناه لا مهذب الأخلاق فى الدنيا من الرجال، وتأكيد نفى الكمال من الرجال مناسب فى المقام؛ لأن فيه مزيد الحث على الصبر على الجفاء من الإخوان، لئلا يبقى الإنسان بلا أخ وذلك لئلا يتوهم أن ترك الصبر على الجفاء ربما كان معه وجود أخ، فيكون مهذبا فى الأصل فلا يحتاج معه إلى الصبر وإنما جعلنا هذا المفهوم الذى دل على قصده قوله أى: الرجال المهذب مترتبا على ما أعربنا به جملة لا تلمه على شعث؛ لأنا لو جعلناها نعتا لأخ أو حالا منه لوروده بعد نفى، لم يتضح من الكلام ذلك المفهوم لأنه يصير المعنى حينئذ كل أخ موصوف بأنه على شعث، أو كان على حال كونه على شعث لا تبقيه لنفسك إن لم تلمه على شعثه، ولا شك أن هذا المعنى لا يقتضى أن لا مهذب وإنما يقتضى أن غير المهذب لا بد معه من الصبر، وأما غيره فلا يحتاج معه إلى الصبر، فيصبح ولو لم يبق غير المهذب أن يبقى المهذب، وإنما قلنا غير واضح لأنه قد يدعى أنه مفهوم باعتبار ما جرت به العادة فى حال الرجال لكن دلالة العادة على