مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوجه الثامن: الاعتراض

صفحة 685 - الجزء 1

  كانت فيه هذه النكتة كان إطنابا لا تطويلا، وهذا كما يوصف الأنبياء بالصلاح لقصد المدح به مع العلم بصلاحهم، ترغيبا فى الصلاح قيل: يحتمل أن يكون للرد على المجسمة؛ لأن المدح يشعر بخروجه عن الإيمان بالمعتاد فكأنه، يقال هم ممدوحون بالإيمان به كما ينبغى من كونهم نزهوه عما يعتاد، إذ ليس على الأوضاع الجسمية القريبة إلى الإدراك كما آمن به على ذلك الوجه الفاسد من لم يهتد بهديهم وإنما قلنا: إن الخطاب بهذا الكلام لمن يثبتهم ليكون ذكر الإيمان إطنابا للفائدة السابقة؛ لأن غيرهم لا ينتفع بهذا الخطاب فلا يقصدون به، إذ لا يحملهم ذلك على الرغبة فى الاقتداء بهم، فى التسبيح والإيمان على وجهه، والاستغفار لمن فى الأرض بخلاف من يثبتهم فيخاطب به ليقتدى بهم فيما ذكر، وكون هذا الإطناب من غير الأوجه السبعة ظاهران جعلت الواو للعطف فى: ويؤمنون به لأن كل ما تقدم لم توجد فيه واو عطف، إلا فى عطف الخاص على العام وليس هذا منه، وينبغى لنا أن نعرضه على كل من المعانى السبعة حتى يتبين ما فيه، فى اعتبار كل منها أما أنه ليس من الإيضاح ولا من التكرار فواضح، إذ ليس لفظة تكرار لما قبله ولا إيضاحا لإبهام قبله وأما أنه ليس من الإيغال فلأنه ليس ختما للشعر، ولا للكلام كما هو الإيغال إذ قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}⁣(⁣١). عطف على ما قبله فليس فى الختم، وأما أنه ليس من التذييل فلعدم اشتمال جملته وهو يؤمنون على معنى ما قبلها بل معناها لازم لما قبلها، ومقتضاه أن ذكر اللازم بعد الملزوم من الإطناب ولك أن تلتزمه حيث يكون اللازم ظاهرا لنكتة، كما فى هذا المثال، وأما إنه ليس من التكميل فإنه ليس لدفع الإيهام كما فى التكميل، وأما أنه ليس من التتميم فلأنه ليس فضلة، وهو ظاهر، وأما أنه ليس من الاعتراض فمشكل إذا بنينا على ما تقرر من أن من جملة الاتصال بين الكلامين، أن يكون الثانى معطوفا على الأول ولا شك أن جملة {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} معطوفة على جملة {يُسَبِّحُونَ} فيكون ما بينهما اعتراضا، والانفصال عن ذلك بأن الواو للعطف، لا


(١) الشورى: ٥، وقد خلط الشارح بين آية غافر والشورى وصواب الاستشهاد أن يذكر قوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}