الوجه الثامن: الاعتراض
  فى أثناء الكلام ولا بين الكلامين، بل يكون آخرا وكذا بين الإيضاح والتكرير فيجتمع معهما فيما لا يكون فى البين، أو فى الأثناء للإيضاح أو يكون تكرارا للتأكيد لأنه لم يشترط فى التكرار كونه آخرا، كما لم يشترط فى الإيضاح. وينفردان عنه بما لا يكون فى البين ولا فى الأثناء وينفرد عنهما بما لا يكون غير إيضاح وتأكيد، وذلك ظاهر فهذا تفسير تمام الكلام فى تفسير الألقاب السبعة وفى بيان النسبة بينها، وهى الإيضاح والتكرير والإيغال، والتذييل والتكميل والتتميم والاعتراض.
  ولم أتعرض فيما تقدم لذكر الخاص بعد العام لظهور أمره بالنسبة إلى سائرها وذلك لظهور مخالفته غير التتميم والإيغال والاعتراض، وملاقاته لهذه الثلاثة فى بعض الصور وإنما تنزلنا لبيان النسبة بينها جميعا ليعلم ما يصح الاستغناء به عن غيره باعتبار المعانى ولتزداد البصيرة فى فهمها وتنشحذ القريحة فى تفصيلها وبالله التوفيق.
  ثم أشار إلى أن الإطناب يقع بغيرها فقال عاطفا على ما تقدم (وإما بغير ذلك) أى: الإطناب يجعل إما بما تقدم من معانى الألقاب السبعة، وإما بغير ذلك فهو معطوف على قوله: إما بالإيضاح بعد الإبهام، ثم مثل لما كان الإطناب فيه بغير ذلك فقال: كقوله تعالى: ({الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ})(١) أى: يسبحون ملتبسين بالحمد، بأن يقولوا: سبحان الله وبحمده ({وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}) أى: بربهم (فإنه) أى: فإن الشأن والأمر هو هذا الكلام وهو قوله (لو اختصر) أى: لو وقع الاختصار والمراد بالاختصار هنا المساواة؛ لأنه يطلق عليها كما تقدم (لم يذكر) قوله تعالى: ({وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}) ولو لم يذكر كان مساواة، ولهذا قلنا إن المراد بالاختصار هنا المساواة، وإنما قلنا إن زيادة ويؤمنون به إطناب (لأن إيمانهم) معلوم (لا ينكره) أى: لا يجهله من يخاطب بهذا الكلام وهو (من يثبتهم) فلا حاجة إلى الإخبار به، للعلم به عند المخاطب (و) لكن (حسن ذكره) أى: ذكر قوله تعالى {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} (إظهار شرف الإيمان) المدلول لجملة يؤمنون به، لأنها سقيت مساق المدح فأتى بتلك الجملة لإظهار شرف مدلولها (ترغيبا فيه) حيث مدح به الملائكة الحاملون للعرش ومن حوله، ولما
(١) غافر: ٧.