مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

وجه التشبيه

صفحة 107 - الجزء 2

  وهو واضح؛ لأن الإضافة بأدنى سبب (سنن) خبر كأن أى: كأن النجوم بين ظلم الليل سنن فى وصفها أنها (لاح) أى: ظهر (بينهن) أى: بين تلك السنن (ابتداع) أى: بدعة، وهى الأمر الذى اتخذ مأمورا به شرعا، وليس كذلك، كما أن السنة ما تقرر كونه مأمورا به شرعا بقول الشارع أو بفعله أو ما يجرى مجرى ذلك من تقريره صلوات الله تعالى وسلامه عليه، ثم إن المشبه هنا، وهى النجوم، وصفها بكونها ظهرت بين أجزاء ظلمة الليل، ومعلوم أن اللائح بين أجزاء الشيء من مقتضى كونه لائحا كذلك كونه أضعف وأقل من الذى أحاطت به أجزاؤه، وأن الذى وقع اللوحان فى جنبه كان باديا ظاهرا لا يفتقر إلى إثبات ظهوره، وإنما يفتقر إلى إثبات ظهور ذلك اللائح؛ ولذلك وصف النجوم هنا بأنها لاحت لقلتها وضعفها بالنسبة إلى قوة الظلمة فى جميع النواحى، وإن كانت أحق بالوصف بذلك لذاتها؛ لأن الموصوف باللوحان والظهور هو المضيء لا المظلم، كالهواء عند عدم إشراقه، لما اعتبر اللوحان فى النجوم لما ذكر كان المطابق لهذا الاعتبار فى المشبه به أن يكون اللائح هو السنن المقابلة للنجوم والملوح فى جنبه هو البدع المقابلة للظلمة، لكنه عكس وأوقع القلب فى المشبه به فجعل اللائح هو الابتداع والملوح فى جنبيه هو السنن، وكأن السر فى ذلك الإيماء إلى أن كون السنن أكثر والابتداع باعتبارها أقل، وإنما أفرد الابتداع مع أن المطابق لمقابله وهو الدجى الجمعية لما أشرنا إليه وهو المطابق لقوله فى جنب شيء إلخ، من كون الأصل الإفراد؛ إذ ظلمة الليل واحدة، وإنما جمعها باعتبار القطع من الظلمة فى النواحى وأجزائها، ثم بين وجه الشبه هنا مع بيان سبب كونه غير متحقق فى أحد الطرفين، فقال: (فإن وجه الشبه) أى: إنما قلنا: إن الوجه هنا غير متحقق؛ لأن وجه الشبه (فيه) فى هذا التشبيه (هو الهيئة الحاصلة) أى: المتحققة والمتقررة (من حصول أشياء مشرقة) أى: مضيئة (فى جنب) أى: فى جهة (شيء مظلم أسود) بأن تبدو تلك الأشياء فى خلل ذلك المظلم الأسود، وقولنا: فى تفسير الحاصلة، أى: المتحققة إلخ، إشارة إلى أن تلك الهيئة هى نفس الحصول إلى آخره، فحصول الهيئة بذلك الحصول كحصول الجنس بالنوع، بمعنى أن الهيئة تتحقق خارجا بهذا الحصول، كما تتحقق وتتقرر بغيره لأن هذا الحصول سبب