مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوجه الداخل في الطرفين والخارج عنهما

صفحة 114 - الجزء 2

  فى الحقيقة، وهو الجنس والفصل، ويشمل ما ليس بداخل ولا خارج، وهو نفس الحقيقة التى هو النوع؛ ولذا قابل قوله بعد أو خارج بغير الخارج لا بالداخل ليدخل ما ذكر وهو ثلاثة أشياء كما ذكرنا: النوع والجنس والفصل، وذلك (كما فى تشبيه ثوب بآخر فى نوعهما)؛ حيث يتعلق الغرض بذلك؛ لأن ما يتعلق به الغرض مفيد كقولك: هذا الملبوس كهذا فى كونهما قميصا، وهذا الثوب كهذا فى كونهما ثوبى كتان، وإنما لم نقتصر فى المثال الثانى على قولنا فى كونهما كتانا؛ لأنه يعود إلى التشبيه بالفصل كما يأتى مثاله على أنه لا يخلو من بحث؛ لأن الثوب مذكور، فكونه كتانا هو المقصود فى التشبيه، وذكر الثوب توطئة إلا أن البحث فى المثال أمره خفيف، ومثل هذا أن يقال: زيد كعمرو فى كون كل منهما إنسانا، ومثل هذا الكلام يفيد حيث يقصد مثلا تقريع من نزلهما منزلة المتباينين، وأن عمرا مثلا منهما جعله من نوع الفرس والحمار فى إعداده لمشاق الخدمة والاستنكاف عن صحبته، (أو) تشبيه ثوب بآخر فى (جنسهما) الذى هو جزء الحقيقة الأعم منها، كما يقال: هذا الثوب كذاك فى كون كل منهما ثوبا، ومثل هذا الكلام أيضا يفيد عند التعريض مثلا بمن استنكف عن لبس أحدهما أو تشبيه ثوب بآخر فى فصلهما، كقولك: هذا الثوب كهذا فى كون كل منهما قطنا أو كتانا، وقد علم بما أشرنا إليه أن التشبيه بالنوع والجنس والفصل لا ينافى ما تقرر من كون وجه الشبه لا بد له من نوع خصوصية، وإلا لم يفد؛ لأنا بينا أن معنى الخصوصية كونه فى قصد المتكلم مما ينبغى أن يشبه به لإفادته بخصوصه، ولو باعتبار ما يعرض فى الاستعمال كما قررنا، وعلم أيضا من قوله كتشبيه ثوب بآخر إلخ أن ليس المراد بالنوعية والجنسية والفصلية هنا ما يقصده الحكماء بكل منها، بل ما يقصد عرفا وهو ظاهر، (أو خارج) هذا مقابل قوله: إما غير خارج عن حقيقتهما، أى: وإما أن يكون خارجا عن حقيقة الطرفين، وإذا كان خارجا فهو (صفة) أى: معنى قائم بالطرفين؛ لأنه يجب اشتراكهما فيه، ومعنى الاشتراك أن يكون قائما بهما، وإلا لم يشتركا فيه، وإذا كان الاشتراك يستلزم القيام وجب أن يكون معنى وصفة لاستحالة قيام ذات بغيرهما، وإذا كان الوجه الخارج لا بد أن يكون صفة فتلك الصفة تنقسم إلى أقسام؛