مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

قسما الحقيقة:

صفحة 116 - الجزء 2

  عن الهيئة الحاصلة للجسم باعتبار وضع أجزائه الاتصالية بعضها مع بعض، فيحدث من ذلك فى ظاهره طول مخصوص وعرض مخصوص ودورة مخصوصة، وما يرجع لذلك، فكون أجزائه على ذلك الوضع الموجب لتلك الحالة من طول وعرض إلخ، هو الشكل، ويفسر عند الحكماء بما يرجع لهذا ويستلزمه، وهو أنه هو هيئة إحاطة نهاية واحدة أو أكثر من نهاية واحدة فالجسم كالدائرة ونصف الدائرة والمثلث والمربع وغير ذلك كالمخمس والمسدس والمثمن ونحوها، ولكن التمثيل للشكل بالدائرة إلى آخرها يقتضى أن المراد بالشكل الشكل المقدارى لا الجسمى المعلوم، وعلى هذا فذكر الجسم فى تعريف الشكل مستدرك، وإنما قلنا كذلك؛ لأن هذه الأشياء، وهى كون الشيء دائرة ونصفا ومثلثا ومربعا إلى آخر ما ذكر كلها من عوارض المقدار؛ إذ المقدار الذى هو كم متصل قار الذات مبدؤه النقطة، وهى شيء ما لا جزء له، فذلك المقدار إن اجتمع فيه من النقط ما يقتضى صحة قسمته من الأوجه الثلاثة أعنى الطول والعرض والعمق، فهو الجسم التعليمى أو ما يقتضى قبوله القسمة فى الطول فقط فهو الخط، أو ما يقتضى قبوله لها فى الطول والعرض فقط، فهو السطح، وكل ما ذكر من المقدار ومبدئه وعوارضه كلها أمور وهمية مفروضة لا حقيقة لها خارجا ونزلها الحكماء منزلة الأمور المحققة وسموا الأول من المقدار جسما تعليميا؛ لأنه يوضع فرضا لتعليم المسائل الهندسية هو وما يناسبه، فالمتصف بهذه الأمور فى الأصل هو الشكل المقدارى؛ لأن الدائرة سطح أو خط، وكذا نصفها والمثلث والمربع باعتبار خطوطهما كل منهما جسم تعليمى، وكلها أمور اعتبارية عند المتكلمين، لكن يتصف بها الجسم تبعا لاتصافه بالمقدار الوهمى على قاعدة اتصاف الأمر الخارجى بالاعتبار العقلى، ولعل هذا هو الذى اعتبر حتى صح ذكر الجسم فى تعريف الشكل وجعله موصوفا بكونه دائرة ونصفها، وغير ذلك، وكون الشكل محسوسا بناء على إرادة المقدار؛ إنما هو تبعا للإحساس الجسمى المعلوم عند المتكلمين، وإذا تمهد هذا فالمراد بالنهاية فى قولهم إحاطة نهاية واحدة هو الخط المحيط بالشكل المقدارى المفروض أو بالشكل الجسمى المتصف بالمقدار، فالدائرة شكل أحاطت به نهاية واحدة أى: خط واحد ويحققها كون ما أحاط